بلدي - نهى ملحم
أعلن المصرف المركزي السوري، يوم السبت، أنه في مراحل متقدمة لوضع خطة من أجل طرح عملة جديدة، تم تصميمها وفق أعلى المعايير الفنية المعتمدة لدى المصارف المركزية حول العالم، وذلك كجزء من برنامج إصلاحي أوسع يهدف إلى تعزيز الثقة بالعملة الوطنية، وتسهيل المعاملات اليومية، ودعم الاستقرار المالي في البلاد.
وجاءت تصريحات المصرف بعد نشر وكالة رويترز خبراً كشفت فيه أن سوريا تعتزم إصدار أوراق نقدية جديدة بحذف صفرين في ذكرى إسقاط حكم بشار الأسد في 8 كانون الأول المقبل.
وفي وقت سابق، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أن إصدار عملة سورية جديدة يعد جزءاً من خطة الإصلاح المالي والنقدي، موضحاً أن المشروع ما زال قيد الدراسة ويتطلب تحضيرات لوجستية واسعة.
وأوضح الحصرية في تصريحات متلفزة أن المصرف المركزي شكّل لجاناً متخصصة تضم ممثلين عن المصارف العامة والخاصة لدراسة متطلبات التغيير، مبيناً أن إصدار العملة الجديدة سيكون رمزاً للسيادة المالية وعلامة على "مرحلة الجمهورية الجديدة". وأشار إلى أن حذف صفرين من العملة الحالية مطروح للنقاش ضمن خطة التغيير، لافتاً إلى أن هذا الإجراء طُبق في نحو 70 دولة حول العالم لتسهيل المعاملات وتقليل حجم الكتلة النقدية.
وخلال السنوات الماضية، تدهورت الليرة السورية إلى مستويات قياسية، ووصل التضخّم إلى معدلات غير مسبوقة، ما جعل من الأخبار المتعلقة بالعملة مثار اهتمام كبير بين جميع الأوساط السورية.
تباينت ردود فعل الناس بين الحذر والتفاؤل في جولة على بعض الأسواق في دمشق. قال أبو مازن، صاحب متجر أدوات منزلية، لبلدي نيوز: "منتمنى ترجع قيمة الليرة السورية زمان.. بس إذا الليرة الجديدة ما إلها قيمة، فليش نغير؟ نحنا بدنا استقرار مش ورقة جديدة". فيما قالت سها، موظفة مصرفية، لبلدي نيوز، إن فكرة حذف الأصفار منطقية، ولكن المهم ألا ترتفع الأسعار. وأضافت: "إذا التاجر استغل وضع تغيير العملة ورفع أسعار مواده، منكون رجعنا لنفس النقطة".
أوضح الدكتور جلال قناص، أستاذ الاقتصاد بجامعة قطر، أن إعادة تقييم العملة (redenomination) إجراء تلجأ إليه الدول التي تعاني تضخماً مفرطاً وفقدان العملة لقيمتها. ومن فوائده تبسيط المعاملات وتقليل تعقيد الأرقام الحسابية، إضافة إلى إمكانية إعادة الثقة بالعملة المحلية، ولو بشكل رمزي في البداية.
وأشار إلى أن التجارب السابقة في دول مثل زيمبابوي وفنزويلا أظهرت أن حذف الأصفار دون مرافقة سياسات لإعادة بناء القاعدة الإنتاجية والإطار المؤسسي غالباً يؤدي إلى فشل الإجراء وتكرار الأزمة بشكل أشد. وعليه، يجب أن تتكامل أي معالجة نقدية مع استراتيجيات شاملة لإعادة الإعمار الاقتصادي وتأهيل الموارد البشرية والتكنولوجية.
أوضح أيضاً أن استبدال العملة في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الدولة السورية، مثل شمال وشرق وجنوب سوريا، سيكون صعباً ومعقداً، ما قد يقلل من فعالية أي إجراءات نقدية على مستوى البلاد بأكملها ويعكس حجم الانقسام الاقتصادي والسياسي.