بحث

الأمبيرات تلتهم دخل الأسر في دمشق وتحلّ مكان كهرباء الدولة


بلدي - نهى ملحم

تحوّلت "الأمبيرات" (المولدات الكهربائية الخاصة) إلى خيار شبه إلزامي للكثير من سكان العاصمة السورية، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يومياً. ورغم تكاليفها المرتفعة وفروقات الأسعار الكبيرة بين الأحياء، لا يجد المواطنون بديلاً عملياً عنها، وسط شكاوى من استغلال وغياب أي رقابة تنظيمية أو دعم حكومي.

خدمة باهظة ولكن "مرنة"

انطلقت خدمة الأمبيرات كنظام تشاركي داخل الأحياء، يتعاقد فيه السكان مع أصحاب مولدات خاصة للحصول على حصة كهربائية محددة تُقاس بعدد "الأمبيرات". وتنتشر هذه الخدمة في محافظات دمشق وحلب وحمص واللاذقية.

يقول أبو ماهر، أحد مشغلي المولدات في دمشق، إن الأمبيرات تبقى "أقل كلفة" من الطاقة الشمسية، موضحاً: "تركيب نظام شمسي منزلي يكلف ما بين 20 إلى 30 مليون ليرة سورية، بينما توفر الأمبيرات تغذية يومية من الصباح حتى منتصف الليل، بتكلفة أسبوعية مرنة".

ووفقاً له، تتراوح كلفة الكيلو الواحد من 12 إلى 17 ألف ليرة سورية، ما يجعل تكلفة استهلاك أسرة متوسطة (5 إلى 10 كيلو أسبوعياً) تتراوح بين 300 و600 ألف ليرة شهرياً.

تقلب الأسعار وتفاوت الاشتراكات

يرى أصحاب المولدات أن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار هو تقلب كلفة المازوت وصعوبات التزود به. ويقول أبو عهد، مشغّل مولدة في ضاحية قدسيا بريف دمشق: "سعر الكيلو في الريف يصل أحياناً إلى 12 ألف ليرة بسبب قلة عدد المشتركين وتكاليف النقل والصيانة"، مشيراً إلى أن التسعيرة غالباً ما تتأثر بالسوق السوداء.

عبء يرهق الأسر

تقول أم يوسف، وهي ربة منزل من سكان دمشق: "لا يمكننا العيش دون الأمبير، لكننا نستغني عن مواد غذائية أساسية لنتمكن من دفع الاشتراك". بينما يشير فادي، موظف حكومي، إلى أن الكهرباء النظامية لا تأتي سوى ساعة مقابل خمس ساعات انقطاع، موضحاً: "نحتاج المولدة فقط لتشغيل البراد والمروحة.. لكن الفاتورة لا ترحم".

أما أبو زياد، المشترك بالخدمة منذ عامين، فيصف الأمبيرات بأنها "ضرورة يومية" توفر كهرباء مستقرة لتشغيل أجهزة أساسية في ظل ضعف الشبكة العامة.

في المقابل، يشتكي كثيرون من غياب الرقابة، واحتكار بعض المشغّلين للأحياء، ما يسمح لهم برفع الأسعار دون حسيب أو رقيب.

مقترحات للحل

يرى سكان أن دعم الأمبيرات ليس حلاً جذرياً، بل المطلوب هو تحسين البنية التحتية وزيادة الإنتاج عبر محطات توليد فعالة. ومن أبرز الحلول المقترحة:

إطلاق قروض حكومية بدون فوائد أو بفوائد رمزية لتركيب ألواح شمسية.

ترخيص مولدات الأمبيرات بإشراف المجالس المحلية.

وضع تسعيرة رسمية تربط تكلفة الاشتراك بسعر الوقود وأرباح محددة.

إصلاح الشبكة وتقليل الفاقد الكهربائي الذي يهدر جزءاً كبيراً من الطاقة المنتجة.

بين حلّ مؤقت ومأزق دائم

رغم التكلفة الباهظة، تبقى الأمبيرات الخيار الوحيد المتاح لكثير من العائلات، بينما تظل الطاقة الشمسية بعيدة المنال بسبب كلفتها الأولية. وبين غياب التيار الرسمي وغياب الرقابة على البدائل، يظل المواطن السوري في مواجهة يومية مع أزمة كهرباء لا تنتهي.

مقالات متعلقة