السعودية وسورية: استثمارات ضخمة وطموحات إقليمية - It's Over 9000!

السعودية وسورية: استثمارات ضخمة وطموحات إقليمية

في ظل متغيرات المنطقة المتسارعة، تتشكل ملامح مرحلة جديدة في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وسورية، حيث تتجاوز الدبلوماسية التقليدية حدود المصافحات الرسمية لتتجه نحو طموحات اقتصادية كبرى. هذه اللحظة التاريخية، التي تجسدت في زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق، ليست مجرد محطة عابرة، بل نقطة انطلاق لإعادة ترتيب المشهد الاقتصادي بين البلدين، وربما في المنطقة بأسرها.
السعودية، بثقلها السياسي والاقتصادي، تتقدم لتكون شريكا رئيسيا في إعادة إعمار سورية، التي تئن تحت وطأة حرب طويلة أتت على بنيتها التحتية وأضعفت أوصال اقتصادها. والحديث عن استثمارات سعودية قد تصل إلى 100 مليار دولار ليس مجرد رقم طموح، بل تعبير عن رؤية استراتيجية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تهدف إلى نسج شبكة من التكامل الاقتصادي تربط سورية بالأردن، وتمتد إلى البحر الأبيض المتوسط، لتشكل محورا تجاريا يعزز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي. وما يميز هذه المرحلة هو العمق التاريخي والاجتماعي الذي يربط البلدين، والذي يمنح السعودية أفضلية في قيادة جهود إعادة البناء. فسورية، التي تحتاج إلى ما يقارب 700 مليار دولار لإحياء اقتصادها، تجد في الرياض شريكا يمتلك القدرة المالية والإرادة السياسية لملء الفراغ الذي خلفته سنوات الصراع. قطاع النفط والغاز السوري، الذي كاد ينهار بعد تعطل 90% من بنيته التحتية، يبرز كمجال استثماري واعد، خاصة مع انسحاب الشركات الأجنبية، مما يفتح الباب أمام المستثمرين السعوديين لإعادة إحيائه.
لكن الأمر لا يتوقف عند حدود الاقتصاد. هذه الشراكة تحمل في طياتها دلالات سياسية عميقة. السعودية، التي لعبت دورا محوريا في رفع العقوبات عن سورية، تضع نفسها كبوابة لعودة دمشق إلى الحضن العربي، وربما إلى الساحة الدولية. إنها لحظة تاريخية تحمل في طياتها إمكانية إعادة صياغة التوازنات الإقليمية، حيث يمكن للاستثمارات السعودية أن تكون ليست فقط محركا اقتصاديا، بل جسرا لتعزيز الاستقرار وإعادة تشكيل المشهد السياسي في المنطقة.
في النهاية، هذه العلاقة المتجددة ليست مجرد صفقة استثمارية، بل مشروع طموح يعكس رؤية المملكة لقيادة التغيير في المنطقة. إنها قصة عن الاقتصاد كأداة للسياسة، وعن الطموح الذي يتجاوز الحدود ليرسم آفاقاً جديدة للتعاون والتكامل.

مقالات ذات صلة

روسيا تكشف عن أربع دول عربية عرضت استقبال اللجنة الدستورية بشأن سوريا

أستاذ جامعي : لابد من زيادة الرواتب في أقل من شهرين والتحول للدعم النقدي يحتاج بيانات دقيقة

وزير مالية النظام الأسبق: انعدام الثقة بالسياسات الاقتصادية والأداءالحكومي وراء الركود التضخمي

النظام مصدر الكبتاغون يعلن ضبط كمية معدة للتهريب ، فما الوجهة؟

رحلات جوية من سوريا إلى السعودية اعتباراً من تموز المقبل

سوريا.. مجموعة من الشخصيات تتهيأ لإطلاق حزب سياسي جديد

//