شبكات الإنترنت في سوريا: وعود معلقة وتحديات مستمرة - It's Over 9000!

شبكات الإنترنت في سوريا: وعود معلقة وتحديات مستمرة

في قلب حلب وريفها، حيث يمتزج الأمل بالواقع المرير، تبقى وعود تحسين خدمات الإنترنت حبرا على ورق. رغم التعهدات الحكومية المتكررة بإحداث نقلة نوعية في هذا القطاع الحيوي بعد سقوط النظام، لا يزال المواطن يصطدم بحقيقة قاسية: خدمات غير مستقرة، أسعار مرتفعة، وبنية تحتية متداعية. في زمن أصبح فيه الإنترنت شريان الحياة للتعليم والعمل والتواصل، يجد السوريون أنفسهم محاصرين بين طموحاتهم وإمكانياتهم المحدودة.

الأسعار: عبء يثقل كاهل الأسر

في أغلب المناطق السورية، برزت شركات محلية تحاول تقديم بدائل للإنترنت التقليدي. خدمة بسرعة 2 ميغابايت تُكلف 65 ألف ليرة سورية شهريا، مع استقرار نسبي في الاتصال. لكن العقبة الأولى تكمن في تكلفة الاشتراك الأولي، التي تصل إلى 500 ألف ليرة وأكثر لتغطية أجهزة الالتقاط والراوتر. هذا المبلغ، في ظل تدني متوسط الدخل، يشكل عائقاً كبيراً أمام العائلات التي تسعى للحاق بركب العصر الرقمي.

في كل منطقة، تتخذ الأسعار منحى آخر، حيث تُحسب بالدولار: 7 دولارات لسرعة 1 ميغابايت، 9 دولاراً لـ 2 ميغابايت، و35 دولاراً لـ 6 ميغابايت شهرياً. وتتفاقم التكاليف مع أجور التركيب التي تتراوح بين 50 و100 دولاراً لأجهزة الالتقاط، إضافة إلى تكلفة الراوتر التي تبدأ من 16 دولاراً وتصل إلى 30 دولاراً، حسب جودة الأجهزة وطول المسافة إلى مركز الشركة.

تحديات تقنية: بنية متداعية وأعطال متكررة

لكن المشكلة لا تقتصر على الأسعار. الأعطال المتكررة، الناتجة عن ضعف إمدادات الكهرباء وسوء التمديدات، تضاعف معاناة المشتركين. يروي "سالم"، وهو عامل صيانة في إحدى شركات حلب، أن ارتفاع تكاليف الأجهزة المستوردة وصعوبة صيانتها يشكلان عبئا كبيرا على الشركات. "نضطر لاستيراد المعدات لأنها غير متوفرة محليا، وتحسين الخدمة يتطلب جهودا مضنية في ظل غياب بنية تحتية متينة"، يقول سالم، مضيفا أن الأعطال البسيطة، مثل انفصال شريط أو الحاجة لإعادة تشغيل جهاز، قد تؤدي إلى فقدان ثقة العملاء إذا تأخر الإصلاح.

منافسة محدودة وعروض مغرية

مع دخول شركات جديدة إلى السوق، بدأت بعضها بتقديم عروض تنافسية لجذب العملاء، مثل التركيب المجاني شرط وجود عدد من المشتركين في حي واحد، أو اشتراك مجاني لمرة واحدة. لكن هذه العروض تصطدم بحدود التغطية الضيقة، إذ تقتصر الخدمة على أحياء محددة في المدن والبلدات دون خطط توسع واضحة، نتيجة ضعف الإمكانيات المالية والتقنية.

مقارنة مع شركات الاتصالات

رغم هذه التحديات، تظل الشبكات المحلية خياراً أرخص من باقات شركات الاتصالات الخلوية مثل "سيريتل" و"MTN"، التي تقدم سرعات أعلى عبر شبكات 4G وتستعد لإطلاق 5G. لكن هذه الشركات تعاني من ضغط كبير على الشبكة، خاصة في المناطق الريفية حيث تقل الأبراج، مما يؤدي إلى انقطاعات متكررة وتدهور في جودة الخدمة.

خاتمة: طريق طويل نحو التحديث

في النهاية، يبقى الإنترنت في أغلب المدن السورية وأريافها مرآة تعكس التحديات الأوسع التي تواجه سوريا في مرحلة ما بعد الصراع. بين وعود الحكومة وتطلعات المواطنين، تقف الحقيقة عارية: بنية تحتية متآكلة، تكاليف مرتفعة، وشركات محلية تكافح لتقديم حلول وسط ظروف اقتصادية وتقنية قاسية. إنها قصة أمل معلق، تنتظر من يحييها باستثمارات حقيقية وبنية تحتية قادرة على مواكبة العصر.


مقالات ذات صلة

السعودية وسورية: استثمارات ضخمة وطموحات إقليمية

غير بيدرسون يصل دمشق مطلع الأسبوع المقبل

برنامج الأغذية العالمي يستعد لإطلاق برنامج مساعدة جديد في سوريا

"أجنحة الشام "تتحدى العقوبات وتحصل على طائرة عبر الإمارات

فيزا إلكترونية للدخول إلى سورية

حلب.. نجاة قاضي مدينة الباب من محاولة اغتيال

//