أفادت وكالة “رويترز” أن الحكومة السورية أمرت بنشر قوات عسكرية لحراسة موقع مقبرة جماعية في صحراء الضمير شرق دمشق، وفتحت تحقيقًا جنائيًا رسميًا بعد تحقيق موسع نشرته الوكالة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يوثق عملية سرية نُفذت بأوامر من القصر الرئاسي في النظام السابق لنقل آلاف الجثث من مقبرة جماعية قرب بلدة القطيفة بريف دمشق إلى صحراء الضمير بين 2019 و2021.
ونقل التقرير عن ضابط سابق في الجيش السوري أن الموقع استخدم خلال حكم الأسد المخلوع كمستودع أسلحة، وتم إخلاؤه عام 2018 لضمان سرية عملية نقل الجثث التي أطلق عليها المقربون من الأسد اسم “نقل الأرض”، وهي العملية نفسها التي أعادت الحكومة الحالية نشر جنود لحماية الموقع بعد الإطاحة بالأسد.
وكان الموقع مكشوفًا خلال الصيف، وزاره صحفيو “رويترز” مرات عدة عقب اكتشاف المقبرة، غير أن الحكومة أنشأت نقطة تفتيش عند مدخل المنشأة بعد أسابيع قليلة من نشر التحقيق، وبات الدخول إلى الموقع يتطلب تصاريح رسمية من وزارة الدفاع. ونقلت الوكالة عن ضابط ومسؤول عسكري ورئيس أمن الضمير أن المنشأة أعيد تفعيلها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لتعود كثكنة ومستودع أسلحة بعد سبع سنوات من التوقف، وأظهرت صور أقمار صناعية نشاطًا متزايدًا للمركبات حول القاعدة. وأوضح مسؤول عسكري أن إعادة تفعيل القاعدة تهدف لضمان السيطرة على المنطقة ومنع الأطراف المعادية من استغلالها، لكون الطريق الصحراوي يربط بين أحد آخر معاقل تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعاصمة دمشق.
وفي تشرين الثاني فتحت الشرطة تحقيقًا رسميًا شمل توثيق الموقع بالصور، ومسح الأراضي، واستجواب الشهود، من بينهم أحمد غزال، ميكانيكي كان يعمل على شاحنات نقل الجثث، الذي أكد تفاصيل العملية التي نفذت على مدى عامين بمعدل أربع ليالٍ أسبوعيًا تحت إشراف العقيد مازن إسمندر.
ولم ترد وزارة الإعلام السورية على طلبات التعليق، بينما قالت المستشارة الإعلامية للهيئة الوطنية للمفقودين إن الهيئة تواصلت مع وزارة الداخلية لحماية الموقع، وتعمل على تدريب كوادرها وإنشاء مختبرات مطابقة للمعايير الدولية، على أن عمليات استخراج الجثث مقررة عام 2027.
أحالت الشرطة تقرير العملية إلى المدعي العام لمنطقة عدرا، الذي قال إن المعلومات المتعلقة بالمشتبه بهم داخل سوريا وخارجها تخضع للمراجعة والتدقيق، رافضًا الكشف عن هوياتهم. ووفق وثائق عسكرية وشهادات مدنية وعسكرية، تولى العقيد إسمندر إدارة الخدمات اللوجستية للعملية، لكنه رفض التعليق على التحقيق الجنائي الجديد.
ويشير التقرير إلى أن العملية جرت بين 2019 و2021 لنقل الجثث من مقبرة القطيفة المكشوفة إلى المنشأة المهجورة، فيما امتلأت الخنادق بالجثث، وأن التحقيق استخدم شهادات 13 شخصًا، وتحليل أكثر من 500 صورة أقمار صناعية، وطائرات مسيرة لإنتاج صور جوية أظهرت تغيرات واضحة في التربة المضطربة حول خنادق الدفن، ما عزز الأدلة على النقل وإعادة الدفن.