كشفت صحيفة واشنطن تايمز أنّ المملكة العربية السعودية لعبت الدور الأساسي في تنظيم زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل، في إطار تحرك منسق بين الرياض ودمشق وواشنطن يهدف إلى إنهاء عزلة سوريا السياسية والضغط على الكونغرس الأميركي لرفع العقوبات عنها.
وقالت الصحيفة إن زيارة الشرع تأتي بعد ثمانين عامًا من آخر زيارة لرئيس سوري إلى واشنطن، وتمثل "تحولًا استثنائيًا" في المشهد الإقليمي، إذ لم يمضِ عام واحد على انتقال الشرع من قيادة "هيئة تحرير الشام" إلى رئاسة الدولة السورية المعترف بها دوليًا.
وذكرت أن التحول بدأ من الرياض في أيار الماضي، عندما زار الرئيس الأميركي دونالد ترمب السعودية ووجّه دعوة إلى القادة العرب قائلاً: "أعطوا هذا الرجل فرصة"، في إشارة إلى الشرع. وأشارت إلى أن الدفع الحقيقي وراء هذا المسار يأتي من الرياض لا من واشنطن، حيث تولّت المملكة دعم المسار الدبلوماسي الجديد لسوريا مقابل الغطاء السياسي الأميركي، في معادلة تتقاسم فيها واشنطن الشرعية والرياض التمويل.
ونقلت الصحيفة عن المبعوث الأميركي الخاص توم باراك قوله إنه "لا خطة بديلة لسوريا سوى الاندماج في النظامين الإقليمي والدولي". وأضافت أن إدارة ترمب تسعى لإقناع الكونغرس بدعم رفع العقوبات، ولا سيما "قانون قيصر"، مشيرة إلى أنّ الرئيس الأميركي يملك الأغلبية في مجلس الشيوخ، فيما تتواصل الجهود لتأمين الغالبية في مجلس النواب.
وتأتي زيارة الشرع قبل خمسة أيام فقط من زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، في تحرك منسق وصفته الصحيفة بأنه "رهان سياسي كبير" يهدف إلى منح الكونغرس غطاءً سياسيًا لرفع آخر العقوبات المتبقية على سوريا. وكشفت أن السعودية تكفلت بسداد متأخرات سوريا لدى البنك الدولي وتعهدت بدعم رواتب القطاع العام السوري والتفاوض على عقود بنى تحتية كبرى ضمن خطة إعادة الإعمار.
كما أشارت الصحيفة إلى سعي الرياض للحصول على صفقة عسكرية لشراء 48 طائرة مقاتلة من طراز F-35، معتبرة ذلك خطوة مكمّلة لمسارها الدبلوماسي في الملف السوري. ونقلت عن رجل الأعمال السوري الأميركي عبد الحفيظ شرف قوله إن السعودية "هي الضامن للنظام السوري الجديد"، موضحًا أن الرياض أقنعت واشنطن بالموافقة على رفع العقوبات وتعمل على إعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي.
وظهر الرئيس الشرع مؤخرًا إلى جانب ولي العهد السعودي ونجل الرئيس الأميركي خلال مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض، حيث أعلنت السعودية وقطر التزامهما بتسوية الديون السورية وتمويل مشاريع إعادة الإعمار.
ووفق الصحيفة، تقوم السياسة الأميركية الجديدة تجاه سوريا على أربعة محاور: تحقيق الاستقرار الإقليمي، تحجيم النفوذ الإيراني، فتح السوق السورية أمام الاستثمار الدولي، وتأمين الموارد الطبيعية النادرة. وكشف شرف أن رؤوس أموال أميركية بدأت بالفعل باستكشاف فرص استثمار في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والسلع الاستهلاكية داخل سوريا.
وخلص تقرير واشنطن تايمز إلى أن الزيارتين المتتاليتين للرئيس السوري وولي العهد السعودي إلى واشنطن تمثلان اختبارًا حقيقيًا لقدرة التحالف السعودي–السوري على تحويل الانفتاح السياسي إلى تمويل فعلي لإعادة الإعمار، وسط انقسام الكونغرس الأميركي وتردد المستثمرين الخليجيين، فيما يواجه السوريون ضغوطًا معيشية خانقة.