قالت وكالة "رويترز" إن الرئيس السوري أحمد الشرع "وبّخ" مقربين وموالين له بعد وصولهم لاستقباله بسيارات فارهة، فيما قيّد النشاط التجاري لشقيقه جمال الشرع، وأغلق مكتباً له ومنع الجهات الحكومية من التعامل معه.
ونقلت الوكالة عن أربعة مصادر مطلعة وشخصين حضرا لقاءً عُقد في 30 آب/ أغسطس الماضي بمقر الشرع السابق في إدلب، أن الرئيس السوري ظهر محاطًا بمسؤولين أمنيين رفيعين، وقال مازحًا: "لم أكن أعلم أن رواتب الحكومة مرتفعة إلى هذا الحد!"، بعد وصول أكثر من مئة من الموالين بسيارات فاخرة من طراز "كاديلاك إسكاليد" و"رينج روفر" و"شيفروليه تاهو".
وبحسب المصدرين، وبّخ الشرع الحاضرين قائلاً: "ألستم أبناء الثورة؟ هل أغرتكم الدنيا بهذه السرعة؟"، وأمر الموظفين الحكوميين الذين يملكون سيارات فاخرة بتسليم مفاتيحها، وإلا سيخضعون للتحقيق في الكسب غير المشروع، فيما سلّم عدد قليل منهم المفاتيح قبل مغادرة الاجتماع.
ورداً على أسئلة من "رويترز"، قالت وزارة الإعلام السورية إن اللقاء كان "ودّيًا وغير رسمي" مع قادة ومسؤولين سابقين، مؤكدة أن الشرع شدد على "عدم التساهل مع شبهات الفساد"، ونفت أن يكون قد جرى تسليم مفاتيح سيارات خلال اللقاء.
ووصفت الوكالة تحركات الشرع بأنها "تحدٍ مهم" له وهو يحاول الانتقال من قيادة حركة مسلحة إلى إدارة دولة من دون إعادة إنتاج الفساد المتجذّر في عهد نظام الأسد. ونقلت عن الباحث حسام جزماتي قوله إن "الشرع نتاج فصيل لا دولة، والبيئة التي نشأ فيها قائمة على الولاءات والاحتكار"، مضيفًا أن السماح للموالين بـ"غنائم حرب" يهدد سلطته لأنه بحاجة إلى موارد مالية كبيرة لإحكام السيطرة.
وأشارت "رويترز" إلى أن الرئيس السوري يحاول فرض الانضباط داخل عائلته، إذ يتولى شقيقاه الكبيران مناصب رفيعة: حازم الشرع مسؤول عن الأنشطة الاقتصادية، وماهر الشرع أمين عام رئاسة الجمهورية، فيما خضع الشقيق الثالث جمال الشرع لإجراءات مرتبطة بالفساد.
وذكرت ستة مصادر حكومية واقتصادية أن جمال الشرع أسس مكتباً في دمشق لإدارة مشاريع تجارية وسياحية، وكان يتنقل بسيارة "مرسيدس" من دون لوحات، قبل أن تُصدر أوامر بإغلاق مكتبه في آب/ أغسطس الماضي ومنع التعامل معه، بعد اتهامات باستخدام اسم العائلة للتربح. وعاين مراسل "رويترز" المكتب فوجده مغلقًا بالشمع الأحمر.
وأكدت وزارة الإعلام إغلاق المكتب، موضحة أن جمال الشرع "لم يكن مخولاً بممارسة أي نشاط تجاري"، من دون توضيح التهم الموجهة إليه. وقال أحد أقارب الرئيس إن الشرع عقد لاحقًا اجتماعًا عائليًا حضره والده البالغ من العمر 79 عامًا، حذر فيه أفراد العائلة من استغلال اسمها والكسب غير المشروع.
وفي كلمة متلفزة في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، شدد الشرع على منع المسؤولين من دخول مشاريع خاصة ووجوب الكشف عن استثماراتهم. وأشارت "رويترز" إلى أن هذه التحركات جاءت عقب شكاوى شعبية من مظاهر الثراء لدى مسؤولين جدد من خلفيات فصائلية، رغم استمرار الفساد بأشكال مختلفة وفق تسعة رجال أعمال ومسؤولين تحدثوا للوكالة، أشار بعضهم إلى دفع رشى مقابل الإفراج عن معتقلين أو استعادة ممتلكات.
وقالت وزارة الإعلام إن هذه الممارسات "ليست واسعة"، مؤكدة إحالة بعض المتورطين إلى التحقيق. وأفادت "رويترز" بأن لجنة مكافحة الكسب غير المشروع تشرف منذ أيار الماضي على تسويات "إعادة التأهيل" التي تُصادر بموجبها أموال مرتبطة بالنظام السابق وتنقل إلى صندوق سيادي جديد يضم مئات الشركات والممتلكات المصادرة.
وأكدت الوزارة أن بعض المحققين والمحامين في اللجنة يخضعون للتحقيق بتهم "سرقة مزعومة لم تثبت بعد"، موضحة أن بعض أعضاء اللجنة أوقفوا للتحقيق في مخالفات مشتبه بها من دون اعتقال رسمي.