بلدي
كشف تحقيق لمنصة تأكد أن التكريم الذي حصلت عليه الفنانة السورية منى واصف في جامعة دمشق مطلع أيلول/سبتمبر، بمنحها لقب "سفيرة السلام في العالم"، لم يصدر عن أي جهة أممية معترف بها، بل عن كيان يقدّم نفسه باسم "المنظمة العالمية لحقوق الإنسان"، لا يملك أي صفة رسمية لدى الأمم المتحدة.
وخلال الفعالية التي حملت عنوان "سورية الأمل"، ظهرت وزيرة الشؤون الاجتماعية هند قبوات وهي تكرّم واصف في مشهد مؤثر سرعان ما تصدّر التغطيات الإعلامية، وقدّم على نطاق واسع باعتباره اعترافاً أممياً بمسيرة الفنانة. بعض وسائل الإعلام ذهبت أبعد من ذلك عبر استخدام تعبيرات مثل "سفيرة السلام لدى الأمم المتحدة"، وهو ما عزّز الانطباع بأن التكريم يتمتع بصفة دولية.
غير أن التدقيق أظهر أن "المنظمة العالمية لحقوق الإنسان" لا ترد في أي من قواعد بيانات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (إيكوسوك)، ولا في وثائق مكتبة الأمم المتحدة الرقمية، ولا في قوائم المنظمات المشاركة بمجلس حقوق الإنسان. كما نفت متحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، وكذلك منظمة "يونيسف"، وجود أي علاقة أو شراكة مع هذه الجهة.
ويبرز اسم اللبناني علي عقيل خليل بصفته المؤسس والمدير الفعلي للمنظمة. خليل اعتاد الظهور ببطاقات ووثائق ذات طابع رسمي المظهر، بينها بطاقة عضوية في "جمعية الأمم المتحدة في سريلانكا" تُباع مقابل رسوم مالية، إضافة إلى حمله جواز سفر رمزي صادر عن منظمة مثيرة للجدل تُدعى "WSA"، سبق أن صنفته منظمة الطيران المدني الدولي كوثيقة خيالية لا قيمة قانونية لها.
وتشير تقارير إعلامية لبنانية إلى أن خليل أوقف عام 2011 بتهم انتحال صفة وتزوير واحتيال. كما وثّقت قناة "الجديد" اللبنانية في تحقيق استقصائي شهادات لأشخاص قالوا إنهم وقعوا ضحية لوعود كاذبة اعتمد فيها خليل على ألقاب مزيفة وصور مع شخصيات دولية بارزة.
الصفحات الرسمية للمنظمة التي يديرها خليل لم تقتصر على توزيع الألقاب الرمزية، بل نشرت مراراً صوراً لبشار الأسد وأسرته بعبارات تمجيدية، وقدّمت لقاءات شخصية لخليل مع الأسد على أنها دليل "قرب رسمي"، في محاولة لتكريس صورة مؤسسة حقوقية دولية، بينما هي في الواقع واجهة دعائية بلا شرعية.
إن تكريم منى واصف بهذا اللقب، وبحضور رسمي لوزيرة في حكومة دمشق، يعكس كيف تُستثمر شخصيات وطنية ورموز ثقافية في إضفاء مصداقية على كيانات وهمية. وتكمن خطورة هذه الممارسات في قدرتها على تضليل الرأي العام وإعادة تدوير نفوذ شخصيات مثيرة للجدل تحت غطاء "حقوقي" و"أممي"، في وقت يحتاج فيه السوريون إلى مؤسسات شفافة وموثوقة لا إلى واجهات رمزية زائفة، بحسب "تأكد".