بلدي
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر يوم السبت، إن ما لا يقل عن 109 حالات اعتقال تعسفي سُجلت في تموز/ يوليو 2025، مشددة على الحاجة الملحة لوضع ضوابط قانونية تنهي عهد الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وتضمن الحقوق الأساسية في ظل التحولات السياسية التي أعقبت سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024.
وذكر التقرير أن من بين الحالات الموثقة، هناك 48 حالة احتجاز تعسفي بينهم خمسة أطفال، بينها 12 حالة على يد الحكومة الانتقالية، و36 حالة نفذتها قوات سوريا الديمقراطية، بينهم أيضاً أطفال.
وأظهر التحليل الجغرافي أن محافظة الرقة سجلت العدد الأعلى من الاعتقالات، تلتها دير الزور ثم الحسكة. كما بيّن أن وتيرة الاعتقالات لدى قوات "قسد" فاقت حالات الإفراج، خصوصاً بعد توقيف مدنيين على خلفية انتقادهم لسياساتها.
وثّق التقرير أن عناصر من الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية نفذوا اعتقالات دون توضيح الأسباب القانونية أو توجيه تهم واضحة، وهو ما يمثل انتهاكاً لضمانات المحاكمة العادلة. وشمل ذلك حالات في حمص وطرطوس والقنيطرة، منها حالة احتجاز لإعلامي دون توضيح رسمي.
كما استمرت قوات سوريا الديمقراطية في تنفيذ مداهمات طالت مدنيين تحت ذريعة ملاحقة خلايا داعش، وسجل التقرير اعتقالات لأشخاص اقتيدوا إلى معسكرات تدريب وتجريد من الاتصال بذويهم، ما اعتبره التقرير تجنيدًا قسريًا للأطفال.
وثّق التقرير أيضاً الإفراج عن 11 شخصًا من مراكز الحكومة الانتقالية أغلبهم من حمص وحماة، و14 شخصاً من مراكز "قسد"، بينهم طفلان من دير الزور والرقة.
كما أشار إلى احتجاز ما لا يقل عن 61 شخصًا متهمين بارتكاب انتهاكات خلال فترة حكم النظام السابق، شملت عسكريين وموظفين حكوميين، وتم نقلهم إلى سجون مركزية بعد مصادرة أسلحة وذخائر من مقراتهم.
كما وثّقت الشبكة اعتقال مشتبهين بالانتماء إلى مجموعات مسلحة مرتبطة ببقايا النظام، شنّت هجمات في آذار/ مارس 2025، وأودت بحياة مئات المدنيين خارج نطاق القانون، دون التأكد من قانونية الإجراءات المتبعة في هذه العمليات.
سجلت الشبكة أيضاً 19 حالة إفراج، معظمها من محافظتي اللاذقية وحمص، لأشخاص ثبت عدم تورطهم في الجرائم المنسوبة إليهم. وأكدت أن تلك العمليات، رغم ارتباطها بالمحاسبة، افتقرت في كثير من الأحيان إلى الشفافية والإجراءات القانونية المطلوبة.
خلص التقرير إلى أن غالبية عمليات الاحتجاز في سوريا جرت دون مذكرات قضائية أو محاكمات شفافة، في انتهاك للمادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وأن التعذيب والمعاملة المهينة ما تزال ممارسات شائعة، بما يخالف اتفاقية مناهضة التعذيب.
كما أشار إلى استمرار الحرمان من حرية التنقل والاتصال، وضعف آليات المحاسبة، واستمرار الانتهاكات في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، رغم وجود بنية سياسية تُلزمها باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ودعت الشبكة في توصياتها إلى تفعيل المحاسبة على المستوى الدولي، بما في ذلك إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتجميد أصول المسؤولين المتورطين، وتكثيف الجهود الدولية لكشف مصير المختفين.
كما طالبت بالسماح للمنظمات الدولية، ولا سيما اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالوصول إلى مراكز الاحتجاز، وضمان الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيًا.
وأكدت على ضرورة تعاون الحكومة الانتقالية مع الجهات الدولية المعنية، وتطبيق إصلاحات هيكلية في أجهزة الأمن والقضاء.