بلدي
دعا المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، إلى إعادة تقييم سياساته وتبني نهج أكثر شمولية لدمج الأقليات في الحكم، محذراً من أن استمرار النهج الحالي قد يكلفه فقدان الدعم الدولي ويعرض سوريا لخطر التفكك.
وجاءت هذه التصريحات في أعقاب جولات من العنف الطائفي في محافظة السويداء، والتي أودت بحياة مئات الأشخاص خلال الأسبوع الماضي، وسط اتهامات للحكومة والمجموعات المناصرة لها، بارتكاب جرائم وانتهاكات كثيرة.
وفي مقابلة مع وكالة “رويترز”، اليوم الثلاثاء، قال باراك إنه نصح الشرع في مناقشات خاصة، بإعادة النظر في بعض عناصر هيكل الجيش السوري قبل الحرب، والحد من عمليات التلقين الإسلامي، وطلب المساعدة الأمنية من دول الجوار.
وأضاف: “إذا لم يُحدث تغييرات سريعة، فإنه يواجه خطر فقدان الزخم الذي أوصله في السابق إلى السلطة”.
وأكد باراك أن على الشرع أن يقول لنفسه: “سأتأقلم بسرعة، لأنني إن لم أتأقلم بسرعة، فسأفقد الدعم الكبير الذي كان خلفي”.
وتابع المبعوث الأمريكي قائلاً: “يمكنه أن ينضج كرئيس ويقول: الصواب هو ألا أتمسك بنهجي الحالي، لأنه لا يحقق النتائج المطلوبة”.
وأشار باراك إلى أن الحكومة السورية الجديدة يجب أن تكون "أكثر شمولية وبشكل أسرع" في دمج الأقليات ضمن الهيكل الحاكم، خاصة بعد الاشتباكات في السويداء التي قتل فيها مئات الأشخاص بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية سنية وقوات الشرع.
وأفادت تقارير بأن إسرائيل تدخلت بغارات جوية لمنع عمليات قتل جماعي للدروز على يد القوات الحكومية، وهو ما اعتبره باراك إضافة "للارتباك" في المشهد السوري، مؤكداً أن الولايات المتحدة لم تدعم هذه الغارات.
وأنكر باراك التقارير التي تتهم قوات الأمن السورية بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين الدروز، واقترح أن يكون مقاتلو “داعش” قد تنكروا في زي القوات الحكومية، قائلاً: “القوات السورية لم تدخل المدينة. هذه الفظائع التي تحدث ليست من فعل قوات النظام السوري. فهم ليسوا حتى داخل المدينة، لأنهم اتفقوا مع إسرائيل على عدم الدخول”.
وأضاف أن مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن التلاعب بها بسهولة وبالتالي فهي غير موثوقة، حسب رأيه.
وأوضح باراك أن الولايات المتحدة توسطت الأسبوع الماضي لوقف إطلاق النار في السويداء، منهية القتال الذي بدأ في 13 تموز/ يوليو بين مقاتلي القبائل البدوية والفصائل الدرزية، محذراً من أن المخاطر في سوريا "مرتفعة بشكل خطير".
ووفق ما نقلت “رويترز” أشار إلى عدم وجود خطة خلافة أو بديل للنظام الجديد، وقال: “مع هذا النظام السوري، لا توجد خطة بديلة. إذا فشل هذا النظام، فهناك من يحاول دفعه إلى الفشل. ولأي غرض؟ لا يوجد خليفة جاهز”.
وعندما سُئل عما إذا كانت سوريا قد تواجه سيناريوهات مدمرة مثل ليبيا وأفغانستان، أجاب: “نعم، أو حتى أسوأ”.
ولفت أن رسالته لإسرائيل هي ضرورة الحوار لتخفيف مخاوفها بشأن القادة السنة الجدد في سوريا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دور "الوسيط النزيه" لحل هذه المخاوف، مضيفاً أن الشرع أشار منذ بداية حكمه إلى أنه لا يعتبر إسرائيل عدواً، وأنه قد يطبع العلاقات معها في الوقت المناسب.
واعتبر باراك إن الولايات المتحدة لا تملي على السوريين شكل حكومتهم، بل تدعو إلى الاستقرار والوحدة والعدالة والشمولية، وقال: “إذا انتهى بهم الأمر إلى حكومة فدرالية، فهذا قرارهم. والإجابة هي: على الجميع الآن أن يتأقلم”.
وتأتي تصريحات المبعوث الأمريكي توماس باراك الجديدة لوكالة “رويترز” في وقت تواجه فيه الحكومة السورية انتقادات شعبية واسعة النطاق، إثر تكرار المجازر الطائفية في السويداء، التي أعادت إلى الأذهان أحداث العنف في الساحل السوري.
وتتزامن مع هذه التوترات موجة استياء من اعتماد الحكومة على مبدأ الولاء بدلاً من الكفاءة في إدارة شؤون البلاد، مما يزيد من التحديات أمامها في تحقيق الاستقرار وكسب ثقة المجتمع الدولي والمواطنين على حد سواء.