بحث

حظر "ستارلينك" يثير موجة استياء في سوريا وسط انهيار خدمات الإنترنت الأرضي

بلدي 

 

دمشق ـ نهى ملحم

أثار قرار الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سوريا حظر استخدام الإنترنت الفضائي "ستارلينك" جدلاً واسعاً بين المواطنين، في ظل تردي خدمات الشبكات الأرضية، واعتماد مناطق واسعة، لاسيما الريفية والنائية، على هذا النوع من الاتصالات للوصول إلى الإنترنت.

وأكد وزير الاتصالات السوري عبد السلام هيكل أن لا صحة لما يُشاع عن إطلاق خدمات إنترنت عبر الأقمار الصناعية من قبل شركات إقليمية داخل سوريا، مشدداً على أن الوزارة تعمل على تنظيم وإتاحة هذه الخدمات مستقبلاً بطريقة رسمية ومرخصة، بما في ذلك خدمة "ستارلينك" لما لها من أهمية لبعض المستخدمين والمؤسسات.

وشدد الوزير على ضرورة اعتماد وسائل الإعلام على المصادر الرسمية، في ظل التزام الوزارة بسياسة الباب المفتوح أمام الصحافة والمواطنين، وذلك بعد تقارير إعلامية تحدثت عن إطلاق شركة الأقمار الصناعية التركية "تركسات" لخدمات اتصال في سوريا، تستهدف دعم البنية التحتية الرقمية وربط المناطق النائية بشبكات إنترنت عالية السعة ضمن خطة للتحول الرقمي.

وفي الثالث من تموز/ يوليو الجاري، أصدرت الهيئة الناظمة تعميماً ثانياً يمنع حيازة أو استخدام محطات الإنترنت الفضائي، مثل "ستارلينك"، باستثناء الجهات الحكومية والسفارات والمنظمات الدولية، وأمهلت المستخدمين المدنيين شهراً واحداً لتسليم أي تجهيزات تتعلق بهذه الخدمة.

وكان تعميم مشابه قد صدر في 9 آذار/ مارس الماضي، ومنع أيضاً استخدام طائرات "الدرون" والإنترنت الفضائي دون إذن مسبق.

ورغم تبرير الهيئة للقرار بأنه يهدف إلى تنظيم قطاع الاتصالات وحماية الأمن السيبراني، إلا أن الخطوة لاقت انتقادات شعبية وحقوقية، خصوصاً مع استمرار تدهور خدمات الاتصالات الأرضية في العديد من المناطق.

وعبّر محمد، مهندس اتصالات من دوما في ريف دمشق، لـ"بلدي نيوز" عن إحباطه قائلاً:

"شبكات الاتصال هنا خارج الخدمة، لا تغطية ولا إنترنت. 'ستارلينك' كان وسيلتنا الوحيدة للتواصل، سواء للعمل أو التعليم أو حتى لحالات الطوارئ".

أما ندى، طالبة جامعية في دمشق، فقالت إن خدمة الإنترنت في سكنها الجامعي تنقطع لساعات طويلة، مضيفة:

"إذا كان لديهم بديل فعّال فليقدموه، أما أن يُمنع الناس من استخدام بديل دون حلول، فهذا غير عادل".

ورأت سمر، الناشطة في مجال حرية الإعلام، أن القرار يحمل أبعاداً سياسية بحتة، مشيرة إلى أن:

"كلما سنحت للناس فرصة لكسر العزلة، تُغلق أمامهم الأبواب، الحظر هنا ليس فقط تقنياً، بل هدفه إبقاء المواطنين تحت رقابة تامة".

من جانبه، رأى د. رائد ناصر، الخبير في نظم الاتصالات، أن "القلق من الإنترنت الفضائي مبرر أمنياً في بعض الدول، لكن المنع دون بدائل موثوقة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، منها انتشار السوق السوداء وصعوبة الرقابة على الأجهزة المهربة".

بدوره، أكد المهندس علي النجار أن الإنترنت الفضائي لم يعد رفاهية، بل ضرورة في دول تفتقر إلى بنية تحتية سليمة، موضحاً أن:

"الأجدى كان تنظيم استخدام 'ستارلينك' ضمن تراخيص واضحة بدلاً من منعه تماماً".

وكانت الضابطة العدلية التابعة للهيئة قد نفذت، في شباط/ فبراير الماضي، حملة ضبط في منطقتي عدرا البلد ودوما بريف دمشق، وصادرت 55 وصلة ميكروية غير مرخصة، إضافة إلى محطة "ستارلينك" فضائية، بدعوى انتهاكها للخصوصية وتأثيرها على الطيف الترددي لشبكة الاتصالات السورية، وتم فتح تحقيق بشأن طريقة إدخالها واستخدامها.

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تعلن الهيئة عن أي خطة بديلة لتحسين جودة خدمات الاتصالات أو توفير بدائل تقنية للسكان في المناطق المحرومة من الإنترنت، ما يثير مخاوف من تفاقم العزلة الرقمية، خاصة في المناطق التي تعتمد بالكامل على هذه البدائل للبقاء على اتصال بالعالم الخارجي.

مقالات متعلقة