بلدي
واشنطن ترفع عقوباتها عن سوريا: شروط أمريكية صارمة لحكومة الشرع الجديدة
كشفت تقارير صحفية صادرة عن "نيويورك تايمز" أن إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قد رفعت الجزء الأكبر من العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة وصفت بأنها بادرة حسن نية تجاه الحكومة السورية الجديدة.
إلا أن هذا الانفتاح الأمريكي، وفقًا للتقرير، ليس مجانيًا؛ بل هو مشروط بسلسلة من المطالب الأمريكية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة.
وعلى الرغم من الترحيب الشعبي الواسع في سوريا، حيث يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، أوضح التقرير أن رفع العقوبات لم يشمل جميع الإجراءات، حيث لا يزال بعضها يتطلب موافقة الكونغرس الأمريكي.
هذه التطورات تضع حكومة الرئيس الانتقالي “أحمد الشرع” أمام تحديات كبيرة، فبينما تسعى للتخفيف من معاناة الشعب، عليها أيضًا التعامل مع مطالب واشنطن المعقدة.
ووفقًا لمدير مكتب "نيويورك تايمز" في بيروت،لبن هابرد، والمراسلة إيريكا سولومون، تتوقع واشنطن من الحكومة السورية اتخاذ خطوات عملية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ويشمل ذلك توقيع اتفاق لوقف جميع الأعمال العدائية، والانضمام مستقبلًا إلى "اتفاقيات أبراهام" التي وقعتها كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
وفي ملف المقاتلين الأجانب، طالب ترامب سابقًا بطرد جميع المقاتلين غير السوريين الذين دخلوا البلاد منذ عام 2011.
ورغم رفض حكومة الشرع لهذا الطرح في البداية بسبب صعوبة إعادة هؤلاء المقاتلين إلى بلدانهم، خففت واشنطن موقفها لتطالب بـ"الشفافية الكاملة" حول أماكن تواجدهم.
من بين المطالب الأمريكية الأخرى، شددت واشنطن على قطع العلاقات مع الجماعات الفلسطينية المسلحة، وخاصة حركة الجهاد الإسلامي، وقد بدأت الحكومة السورية بالفعل في اعتقال عدد من قادتها، وهي خطوة لقيت ترحيبًا إسرائيليًا واسعًا.
كما تطالب الولايات المتحدة بـتفكيك الشبكات المرتبطة بإيران على الأراضي السورية، ويُعد هذا البند أقل تعقيدًا، إذ لا يُنظر لإيران وحزب الله كحلفاء لحكومة الشرع الجديدة، بل كامتداد لعهد النظام السابق.
ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن إتمام هذه العملية سيتطلب دعمًا استخباراتيًا خارجيًا، ويُعد إزالة ما تبقى من برنامج الأسلحة الكيميائية من أهم مطالب واشنطن.
فبعد اتفاق عام 2013 بين نظام الأسد ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تم تفكيك جزء من البرنامج، إلا أن تقارير دولية تقدر وجود نحو 100 موقع غير معلن.
وقد أبدت الحكومة الجديدة تعاونًا عبر دعوة خبراء دوليين وتقديم معلومات أولية، لكن المهمة لا تزال صعبة بسبب العدد الكبير من المواقع غير المفحوصة.
كذلك، تصر واشنطن على منع عودة تنظيم الدولة (داعش)، وتؤكد على ضرورة أن تتولى الحكومة السورية مسؤولية معسكرات وسجون التنظيم، التي لا تزال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا.
وتشمل هذه العملية تسلم معسكرات تأوي عائلات مقاتلي التنظيم، وإعادة تأهيل من يمكن تأهيلهم أو ترحيلهم، ضمن ظروف أمنية هشة في شمال شرق البلاد.
ويُختتم التقرير بالتأكيد على أن إدارة ترامب لم تُبدِ اهتمامًا بكيفية إدارة الشرع للبلاد داخليًا. بدلاً من ذلك، انصب تركيزها على مدى انسجام سياساته الإقليمية مع المصالح الأميركية.
فالعلاقة مع سوريا ما بعد الأسد، كما تراها واشنطن، ستبقى مرهونة بمقدار ما تقدمه دمشق الجديدة من تنازلات استراتيجية في ملفات إقليمية حساسة.