بحث

إيران بين مطرقة الضربات وسندان الفتاوى.. هل انكشفت الأوراق؟

تركي المصطفى

في مفارقة غريبة، كشفت مصادر استخباراتية أمريكية أن مسؤولين إيرانيين اعترفوا في اتصالات سرية تم اعتراضها بأن الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية كانت "أقل تدميراً مما كان متوقعاً". هذا التصريح الغامض يطرح أكثر من سؤال حول حقيقة ما حدث، خاصة أنه يتناقض مع تقارير فنية تؤكد أن 12 قنبلة أمريكية من عيار 30 ألف رطل تسببت في أضرار جسيمة بمنشأة فوردو النووية، حيث دمرت موجات الانفجار أجهزة الطرد المركزي الحساسة للاهتزازات.

فهل تخفي إيران حقيقة الأضرار؟ أم أن هناك لعبة استخباراتية أخرى؟ مصادر إسرائيلية تشير إلى أن المسؤولين العسكريين الإيرانيين يقدمون تقارير مخففة للقيادة السياسية، بينما يعكف الخبراء على تقييم الخسائر الحقيقية التي قد تكون أكبر بكثير.

وفي ملف المفاوضات، يبدو المشهد أكثر تعقيداً. فبينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن محادثات مرتقبة "الأسبوع المقبل"، جاءت تصريحات نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي لتؤكد أن طهران تشترط وقف الضربات الأمريكية قبل أي تفاوض. كما أصر على أن تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية يبقى "خطاً أحمر" غير قابل للتفاوض، في حين ترفض واشنطن أي تخصيب محلي وتصر على فرض قيود على البرنامج الصاروخي الإيراني.

وفي منعطف خطير، دخلت الفتاوى الدينية على خط الأزمة، حيث أصدر آية الله مكارم شيرازي فتوى تاريخية تعتبر كل من يهدد القيادة الإيرانية أو المرشد الأعلى "محارباً" تستوجب عقوبته الإعدام. هذه الفتوى التي صدرت بعد أيام من اجتماع سري بين شيرازي والرئيس الإصلاحي السابق حسن روحاني، تفتح الباب أمام تساؤلات حول دوافعها الحقيقية. هل هي تحذير للإصلاحيين؟ أم تأكيد على أن الملف النووي أصبح "قضية مقدسة" لا تقبل المساومة؟

وفيما يتعلق بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تواصل طهران لعبتها المزدوجة: تسمح ببقاء المفتشين ولكن تمنعهم من الوصول إلى المنشآت النووية، وتزيل كاميرات المراقبة الدولية بينما تريد البقاء في معاهدة عدم الانتشار النووي. هذا التناقض يزيد من شكوك المجتمع الدولي حول النوايا الإيرانية الحقيقية.

ختاماً، إيران اليوم تواجه عاصفة حقيقية: ضربات عسكرية قد تكون أكثر تدميراً مما تظهر، وفتاوى دينية تغلق أبواب الحلول السياسية، ومفاوضات معلقة بين مطرقة المطالب الأمريكية وسندان الثوابت الإيرانية. السؤال الذي يفرض نفسه: هل تستطيع طهران الخروج من هذه الدوامة؟ أم أن الأسوأ لم يأت بعد؟

 

مقالات متعلقة