بحث

النرويج تعلق معالجة طلبات لجوء السوريين حتى نهاية 2025 وسط موجة إحباط واحتجاجات مرتقبة

بلدي - حسام الحاج
أعلنت وزارة العدل والأمن العام في النرويج، بدءًا من 24 حزيران/يونيو 2025، تعليق معالجة طلبات الحماية (اللجوء) المقدمة من السوريين لمدة تصل إلى ستة أشهر، حتى 24 كانون الأول/ديسمبر، مرجعة القرار إلى "الوضع غير المستقر في البلاد".

وكانت مديرية الهجرة النرويجية (UDI) قد قررت، في 9 كانون الأول/ديسمبر 2024، تأجيل دراسة طلبات اللجوء من السوريين بعد الإطاحة بنظام الأسد، بسبب "الغموض الأمني"، إلا أن الحكومة ترى حالياً أن التطورات السياسية الأخيرة تعطي أملاً بعودة الاستقرار، مشيرة إلى عودة نحو 500 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم.

خيبة أمل في مراكز اللجوء

أثار القرار موجة إحباط واسعة بين اللاجئين السوريين في النرويج، خصوصاً أولئك الذين ينتظرون منذ عام 2022 في مراكز الاستقبال دون ردّ على طلباتهم. وبحسب شهادات حصلت عليها "بلدي نيوز"، فإن عشرات السوريين ممن أجروا مقابلاتهم مع دائرة الهجرة كانوا على وشك الحصول على الإقامة، قبل أن يتغير القانون بشكل مفاجئ بعد سقوط النظام بيوم واحد فقط.

علي المحمد، شاب سوري يبلغ من العمر 19 عامًا، قال إنه وصل إلى النرويج وهو قاصر قبل أكثر من عامين، وأجرى مقابلة مع إدارة الهجرة منذ عام ونصف، لكنه لم يتلقَّ ردًا حتى الآن. وأضاف: "بلغت الثامنة عشرة ونُقلت إلى مركز استقبال للبالغين، وهذا التعليق الثاني يزيد من ضغوطي النفسية". وأشار إلى أن منطقته الأصلية في ريف منبج، قرب سد تشرين، ما تزال غير آمنة، رغم توقف الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري، لافتاً إلى أن عائلته ما زالت نازحة.

وأوضح علي أن والده استدان قرابة 10 آلاف دولار لتأمين رحلته إلى النرويج عبر طرق التهريب، في رحلة استغرقت شهرين.

احتجاجات مرتقبة

ياسر، لاجئ آخر يقيم في مركز استقبال منذ عام 2022، قال إن بقاءه تجاوز المدة القانونية البالغة عامين دون أن تُعالج قضيته أو يُستدعى لمقابلة. وعبّر عن رغبته في الانضمام إلى مظاهرة أو الدخول في إضراب عن الطعام احتجاجاً على القرار الجديد، مشيراً إلى مشاركته سابقًا في إضرابات شهدتها بعض مراكز اللجوء.

وأكّد أكثر من عشرة لاجئين من مراكز مختلفة نيتهم تنظيم احتجاج جماعي، بهدف إيصال معاناتهم إلى الرأي العام النرويجي والضغط على وزارة العدل ودائرة الهجرة لتسريع دراسة ملفاتهم.

"لا عودة ممكنة الآن"

تقول وزارة العدل النرويجية إن "سقوط نظام الأسد منح أملاً بمستقبل أكثر إشراقاً"، وإن مئات الآلاف عادوا بالفعل إلى سوريا. إلا أن اللاجئين يشككون في واقعية هذه الصورة.

جورج، طالب لجوء من مدينة حمص، قال إن "الأوضاع لا تزال غير آمنة"، وإنه يعيش في مركز استقبال مكتظ، في غرفة مشتركة مع خمسة آخرين، دون الحق في العمل أو الاندماج. وأضاف: "لو كانت العودة آمنة فعلاً، لما اخترت الانتظار في هذه الظروف الصعبة".

أما أبو علي، لاجئ من ريف دمشق وصل إلى النرويج عام 2024 مع عائلته، فقال إن منزله في معضمية الشام دُمر بالكامل، ولا يصلح للسكن، وإنه أنفق كل مدخراته  وترك عمله في تركيا للوصول إلى النرويج. وأضاف: "الحكومة لا تقدم سوى 15 ألف كرونة نرويجية (نحو 1500 دولار) لمن يختار العودة الطوعية، وهو مبلغ لا يكفي حتى لشراء خيمة".

احتمال إعادة النظر في القرار

وأقرّت وزارة العدل بأن "سلطات الهجرة لا تملك معلومات كافية عن الوضع الأمني لضمان اتخاذ قرارات صائبة"، لكنها تركت الباب مفتوحاً أمام إمكانية استئناف دراسة الطلبات في وقت أبكر، إذا طرأت تغييرات كبيرة.

رغم ذلك، لا يرى كثير من السوريين في القرار ما يبعث على الأمل، بل يعدّونه انتكاسة جديدة، ويستعد بعضهم للجوء إلى الشارع، أملاً في الضغط لإعادة النظر في تعليق ملفاتهم.

مقالات متعلقة