تركي المصطفى
في قلب النظام الإيراني، تقف القوات المسلحة كعمود فقري يحمي الثورة ويصد التهديدات الداخلية والخارجية. هذه المؤسسة العسكرية الضخمة، التي تخضع بالكامل لسلطة المرشد الأعلى، ليست مجرد أداة دفاع تقليدية، بل هي نظام معقد من الفروع والوحدات المصممة لمواجهة كل أشكال التهديدات، من الحروب التقليدية إلى المعارك الأيديولوجية.
القيادة: يد خامنئي الحديدية
المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، يمسك بزمام جميع القرارات الاستراتيجية والعسكرية. بعيدًا عن الرئيس ووزير الدفاع الذين يقتصر دورهما على المشاركة في المجلس الأعلى للأمن القومي، يسيطر خامنئي بشكل مباشر على الجيش والحرس الثوري وهيئة إنفاذ القانون.
تحت القائد الأعلى، تعمل هيئتان رئيسيتان:
1. هيئة الأركان العامة: المسؤولة عن التخطيط الاستراتيجي، وتشبه في وظيفتها هيئة الأركان المشتركة الأمريكية.
2. مقر خاتم الأنبياء المركزي: جهاز فريد ينسق العمليات العسكرية المشتركة، وليس له مثيل في الهيكل العسكري الغربي.
الفروع العسكرية: ثلاثة أذرع لحماية النظام
1. الجيش الوطني (أرتش)
هو الجيش التقليدي الذي ورثه النظام من عهد الشاه، ويتمتع بقدرات تقليدية لكنها متقادمة بسبب العقوبات. ينقسم إلى:
- القوات البرية: 50 لواءً منتشرا على الحدود، مع تركيز خاص على الغرب (مواجهة العراق) والشرق (مواجهة أفغانستان). شاركت في قمع الاحتجاجات ونشرت قوات في سوريا.
- البحرية: تعمل في المياه الدولية، مع تركيز على الخليج وبحر قزوين. تمتلك سفنًا قادرة على تنفيذ عمليات القرصنة والهجمات غير التقليدية.
- القوات الجوية: تعتمد على طائرات قديمة، وتسعى لشراء مقاتلات متطورة من روسيا والصين.
- قوة الدفاع الجوي: أحدث فرع، يدير منظومة صواريخ "إس-300" الروسية التي تعرضت لضربات إسرائيلية متكررة.
2. الحرس الثوري الإسلامي (IRGC)
هو جيش النظام الموازي، والأكثر ولاءً للأيديولوجيا الثورية. يمتلك نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا هائلًا، وينقسم إلى:
- القوات البرية: موزعة في 32 وحدة إقليمية، مصممة لقمع الاحتجاجات وخوض حرب عصابات ضد أي غزو.
- البحرية: تخصصت في حرب الزوارق السريع والألغام البحرية، وتهديد الملاحة في مضيق هرمز.
- القوة الجوية الفضائية: تشغل ترسانة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وهي الأداة الرئيسية للضربات الخارجية، كما في الهجمات على إسرائيل والسعودية.
- فيلق القدس: الذراع الخارجي الذي يدير "محور المقاومة"، ويوفر الدعم للميليشيات من لبنان إلى اليمن.
الباسيج: قوة شبه عسكرية تتجنّد في المجتمع الإيراني وتقوم بتعبئة الشباب ودعم العمليات العسكرية والقمع الداخلي.
منظمة الاستخبارات: تأسست بعد احتجاجات 2009 لمراقبة المعارضة الداخلية، وتوسعت لتشمل عمليات استخبارية خارجية بالتعاون مع محور المقاومة.
3. قيادة إنفاذ القانون
هي جهاز الشرطة والأمن الداخلي، المسؤول عن قمع الاحتجاجات وحفظ النظام. يضم وحدات خاصة لمكافحة الشغب، وشارك في عمليات خارجية مثل دعم النظام السوري.
الخاتمة: جيش لحماية الملالي لا الدولة
القوات المسلحة الإيرانية ليست مؤسسة دفاع تقليدية، بل هي أداة مصممة لحماية النظام الثوري وتصدير أيديولوجيته. بينما يعاني الجيش التقليدي من التقادم، يزداد نفوذ الحرس الثوري وفيلق القدس، مما يعكس أولويات طهران: قمع الداخل، وفرض النفوذ في الخارج، ومواجهة "التهديدات الناعمة" مثل الأفكار الليبرالية.
في ظل التصعيد الإقليمي، تبقى هذه المؤسسة العسكرية العمود الفقري للنظام، حتى لو كلف ذلك الشعب الإيراني وأمن المنطقة.