بحث

سوريا تواجه فجوة إسمنتية وسط دمار بقيمة 700 مليار دولار

ألغت الحكومة السورية مؤخرًا الضرائب المفروضة على الإسمنت المنتج محليًا، في القطاعين العام والخاص على حد سواء.

هذا القرار، الذي جاء في خضم التحضيرات لمرحلة إعادة الإعمار، يرمي إلى تعزيز القدرة التنافسية للقطاع وتحفيز المصانع المتوقفة على استئناف الإنتاج، إلى جانب توسيع خطوط الإنتاج لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

على الرغم من هذه الخطوة الإيجابية، يواجه قطاع الإسمنت في سوريا تحديات كبيرة، فالإنتاج اليومي لا يتجاوز 10 آلاف طن، وهو ما يمثل نصف الاحتياج الفعلي للبلاد، مما يفرض على سوريا استيراد كميات مماثلة من دول مجاورة مثل تركيا والأردن ومصر والسعودية.

من جانبه، أشار محمود فضلية، مدير المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء، في مقابلة مع “الشرق” إلى أن هناك معامل جديدة ستدخل الخدمة قريبًا، بينما تُستكمل صيانة معامل أخرى لتعود إلى الإنتاج خلال شهرين.

وأكد فضلية أن الإسمنت يمثل "ركيزة أساسية" لمشاريع الإعمار وقطاعًا واعدًا للاقتصاد المحلي.

تُقدّر المؤسسة العامة للإسمنت احتياجات البلاد من الإسمنت بنحو 8 إلى 9 ملايين طن سنويًا خلال مرحلة الإعمار، مع توقعات بارتفاع الاستهلاك إلى 15 مليون طن بحلول عام 2035.

ولتحقيق ذلك، تجري عمليات تجهيز لعدة مصانع جديدة، وصل إنجاز بعضها إلى 85%. ومن المنتظر أن يبدأ مصنعان، أحدهما في ريف دمشق والآخر في ريف حمص الشرقي، الإنتاج بطاقة تصل إلى 10 آلاف طن يوميًا، مستفيدين من الإعفاءات الحكومية على المعدات.

تبلغ كلفة الاستثمار في كل معمل نحو 500 مليون دولار، وتعود ملكيتها لشركات خارجية لم يُكشف عن هويتها.

في المقابل، تستعد أربعة مصانع حكومية ومصنع خاص لاستئناف العمل بعد الصيانة، أبرزها معمل "العربية" في حلب ومعامل في حماة وعدرا. إلا أن معمل "إسمنت البادية" لا يزال خارج الخدمة منذ عام 2023 بسبب نقص الفيول.

تكلفة الفيول، التي تشكل 65% من كلفة الإنتاج، بالإضافة إلى أسعار الكهرباء ونقص قطع الغيار، تُعد من أبرز الصعوبات التي يواجهها القطاع. ونتيجة لذلك، يتراوح سعر طن الإسمنت حاليًا بين 100 و123 دولارًا، بحسب النوع والمنطقة.

يرى الخبير الاقتصادي عمار يوسف أن احتياجات الإسمنت قد تصل إلى 9 ملايين طن سنويًا، محذرًا من أن فاتورة إعادة الإعمار قد تتجاوز 700 مليار دولار، تبعًا لحجم الدمار.

ويؤكد يوسف أن تصنيع الإسمنت محليًا، بفضل وفرة الخامات عالية الجودة، هو الخيار الأمثل على المدى الطويل، حيث يمكن أن يوفر العملة الصعبة ويغني عن الاستيراد لسنوات.

ولتعويض نقص النقد الأجنبي، يقترح يوسف إعادة استثمار موارد النفط والغاز في الشمال السوري، إلى جانب المساعدات الخارجية، ويشدد على أن الأولوية يجب أن تُعطى لدعم القطاعات الزراعية والصناعية المنتجة قبل الانتقال إلى إعادة إعمار المساكن المدمرة.

وبحسب بيانات مؤسسة الإسمنت والعمران، تمتلك سوريا احتياطيات كافية من الحجر الكلسي والبازلت واللاتيريت لتشغيل مصانع بطاقة 5 ملايين طن سنويًا لمدة 75 عامًا.

هذا يعزز من إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي إذا ما تحققت خطط التوسعة والصيانة المعلنة.

مقالات متعلقة