بحث

تعرف على مسودة الدستور الروسي لسوريا

بلدي نيوز - (متابعات) 
نص القرار الأممي رقم 2254 على وضع دستور لسوريا في شهر آب المقبل، الكلام الأوضح في هذا المجال جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري من موسكو في 25 آذار/مارس الماضي "اتفقنا (والجانب الروسي) على جدول زمني لتأسيس إطار عمل للانتقال السياسي فضلاً عن مسودة دستور، ونهدف إلى أن ينجز كلاهما بحلول شهر آب".
في موسكو،  تستعجل دوائر القرار دفع عجلة الحل السياسي وتقديم نفسها كلاعب مؤثر في المجال السياسي إلى جانب التأثير العسكري الكبير الظاهر مؤخراً، وُضع مشروع دستور لسورية، ينطوي على تعديلات جوهرية ومواد جديدة تختلف عن الدستور الساري منذ شباط/فبراير 2012، حسب ما نشرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله وإيران في عددها الصارد اليوم الثلاثاء.
ففي المادة الأولى من مسودة "الدستور الروسي" ترد عبارة "الجمهورية السورية"، بعد شطب "العربية"، ويُسقط المشروع الروسي المادة الثالثة من الدستور الحالي، وهي أنّ «دين رئيس الجمهورية الإسلام»، وأن "الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع".
وترد أيضاً مادة جديدة مفادها أنّه "تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين"، كما يحق لكل منطقة وفقاً للقانون أن تستخدم بالإضافة إلى اللغة الرسمية لغة أكثرية السكان إن كان موافقاً عليها في "الاستفتاء المحلي".
وأبزر ما يميّز المشروع المقترح، ما سماها "جمعية المناطق"، وهي "الإدارات المحلية" في شكلها الحالي بصلاحيات موسعة تقيّد مركزية السلطات، فطبقاً لهذا المشروع يرتكز تنظيم وحدات الإدارة المحلية على تطبيق مبدأ "لا مركزية السلطات"... ويبيّن القانون "وضعية حكم الذاتي الثقافي الكردي". وتتولى "جمعية المناطق" إلى جانب "جمعية الشعب" وهي تسمية بديلة لـ"مجلس الشعب" السلطة التشريعية في البلاد "أصالة عن الشعب السوري". وهذه "الجمعية" وتتكون من "ممثلي الوحدات الإدارية"، وينعقد مجلسها على نحو منفرد عن "مجلس الشعب"، ويجوز لها عقد جلسة عامة للانتخاب والاستماع إلى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أو قيادات الدول الأجنبية، ولها الحق في وضع نظامها الداخلي.

ويؤدي أعضاء "الجمعيتين" القسم الدستوري ذاته، كما يستطيع الطرفان المبادرة التشريعية، ويجوز لجمعية المناطق إحلال مشاريع القوانين إلى جمعية الشعب للنظر فيها. وينظم "الدستور الجديد" العلاقة بين المجلسين في مادة واضحة، وتُظهر إحداها أنّه في حال "رفض رئيس الجمهورية قانون مقدّم من جمعية المناطق... "يجوز لجمعية الشعب والمناطق إعادة النظر في هذا القانون... واذا جرى قراره في صيغته السابقة (بأغلبية الثلثين) من أعضاء الجمعيتين "على رئيس الجمهورية التوقيع عليه خلال سبعة أيام والاعلان عنه".
لا سلطة تشريعية للرئيس
يرد في المشروع الروسي أن الشرط للترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون المرشح قد أتم الأربعين عاماً من عمره وأن يكون متمتعاً بالجنسية السورية، أي شُطبت عبارة إضافية من الدستور السابق بأنه يجب أيضاً أن يكون من "أبوين متمتعين بالجنسية السورية بالولادة"، وأن "لا يكون متزوجاً من غير سورية"..
وينتخب الرئيس، حسب المشروع الروسي، لمدة سبعة أعوام ولا يجوز إعادة انتخاب الشخص نفسه إلا لولاية واحدة تالية. ويؤدي الرئيس المنتخب القسم الدستوري أمام أعضاء جمعيتي الشعب والمناطق.
وتشير مادة جديدة أخرى، إلى أنّ الرئيس يتولى "مهمة الوساطة بين سلطات الدولة وبين الدولة والمجتمع"... ولا يلحظ المشروع أي سلطات تشريعية للرئيس.
وتخضع له القوات المسلحة ويتولى مهمات القائد الأعلى للقوات المسلحة... وفي حال العدوان أو الخطر بالعدوان يحقّ له اتخاذ الإجراءات للتصدي له و"يبلغ بها جمعيتي الشعب والمناطق"... ويحق له اعلان التعبئة العامة ويطرح إلى جمعية المناطق الموافقة على إعلانها... كما يحق له اعلان حالة الطوارئ "بالموافقة المسبقة لجمعية المناطق".
صلاحيات أوسع لمجلس الوزراء
وبما يخصّ مجلس الوزراء، يحق لرئيس الجمهورية تحديد الاتجاه العام لأعمال المجلس ويشرف على تنفيذ القوانين وعمل أجهزة الدولة... ولهذا المجلس مسؤولية سياسية عن أعماله أمام رئيس الجمهورية وجمعية المناطق.
وتلفت إحدى المواد إلى أنّ تعيين مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء يكون "تمسّكاً بالتمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية لسكان سوريا، وتُحجز بعض المناصب للأقليات القومية والطائفية...". وفي مادة أخرى، تشير إلى أن على رئيس مجلس الوزراء تقديم برنامج عمل الحكومة إلى جمعية المناطق أيضاً.
ويحق للحكومة، في صلاحيات إضافية عن الدستور الساري، "عقد معاهدات واتفاقيات تعطي الشركات الأجنبية حق الامتياز، والاتفاقيات التي تقصد نفقات إضافية غير منصوص عليها في الموازنة...". وأيضاً "تعيين وفصل موظفين الدولة والعسكريين"، كذلك، تستطيع الحكومة أن تصدر مراسيم أيضاً، و"يجري اصدار هذه المراسيم على أساس القانون الذي يعطي الحكومة صلاحيات مناسبة".
ويحق لثلث أعضاء جمعية المناطق طرح حجب الثقة عن الحكومة (مثل "جمعية الشعب"). كما يحق للجمعيتين في "جلستهما المشتركة" حجب الثقة عن الحكومة بأغلبية أصوات الحاضرين. وغاب عن المشروع الروسي أي إشارة لما ذكر في دستور 2012 بأنّ "رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية"... وأنّ للأخير "الحق في إحالة هؤلاء إلى المحاكمة" (المادتين 121 و124).
المحكمة الدستورية العليا
أضاف المشروع الروسي 4 أعضاء للمحكمة لتؤلف من 11 عضواً "تعيّنهم جمعية المناطق"، بعدما كان يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم (المادة 140).
وفي "الأحكام الانتقالية"، يشير المشروع الروسي إلى أنّه تبقى التشريعات الصادرة سابقاً سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكام "الدستور الجديد"، على أن يجري التعديل خلال سنة واحدة منذ تبني الدستور.
دور القوات المسلحة
يلفت "المشروع الروسي" إلى أنّ القوات المسلحة "تكون تحت الرقابة من قبل المجتمع ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية ولا تؤدي دوراً في عملية انتقال السلطة"... ويحرم تنظيم أعمال عسكرية أو ذات طابع عسكري خارج سلطة الدولة.
وعن الخدمة الإلزامية، جاءت في الدستور "الجديد" على نحو فضفاض وعام، بأنّه "يؤدي مواطنو سوريا الخدمة العسكرية وفقاً للقانون"، بعدما كانت وفقاً لدستور 2012 "الخدمة العسكرية الإلزامية واجب مقدس وتنظم بقانون" (المادة 46).

نحو اقتصاد ليبرالي
يُظهر "المشروع" الروسي نزوعاً كبيراً نحو الاقتصاد الحر، بتأكيد إحدى المواد أن سوريا تُؤمّن "حرية النشاط الاقتصادي وتُعترف بها الملكية الخاصة... وتخلق الدولة على أساس علاقات السوق ظروفاً لتطوير الاقتصاد وتضمن حرية الأعمال... وتضمن حرية تنقل البضائع والرساميل... وأن الموارد الطبيعية يمتلكها الشعب".
تغيير القسم
لحظ المشروع الروسي تعديل في القسم الدستوري، ليُسقط مثلاً القسم بلفظ الجلالة، أو أي إشارة "قومية عربية" أو "اشتراكية"، ليكون "أقسم أن ألتزم بدستور البلاد وقوانينها، وأن أحترم وأحمي حقوق وحريات الانسان والمواطن، وأن أدافع عن سيادة الوطن واستقلاله وسلامة أرضه، وأن أتصرّف دائماً وفقاً لمصالح الشعب". أما القسم الحالي، فهو "أقسم باالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها ونظامها الجمهوري، وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته، وأحافظ على سيادة الوطن واستقلاله وحريته والدفاع عن سلامة أراضه، وأن أعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية".

منظمات دينية واجتماعية
يظهر في المشروع الروسي مصطلح "المنظمة الدينية"، إذ تفيد إحدى المواد أنه تحترم "كافة الأديان والمنظمات الدينية... وهذه المنظمات متساوية أمام القانون، وكذلك مصطلح "المنظمة الاجتماعية"، في الكلام مثلاً عن أنه "لا يجوز لأي مجموعة أو منظمة اجتماعية أو شخص استملاك صلاحية ممارسة السلطة"... وأنه من "المعترف به في سوريا التنوع الأيديولوجي ولا يجوز اعتبار أية إيديولوجية عامة أو الزامية. إن الجمعيات الاجتماعية متساوية أمام القانون".

مقالات متعلقة