بحث

روسيا تستطيع إنهاء الحرب في سورية لو أرادت !

الهافينغتون بوست- ترجمة بلدي نيوز

في سورية ، يقتل مدنيّ واحد كل ساعتين، وهذا ما يجري كل يوم، وتشير الإحصائيات السابقة إلى مقتل أكثر من 400،000 مدني حتى الآن، ماذا يعني ذلك؟ هل يقوم هؤلاء الأشخاص بقتل بعضهم البعض؟ لا، ليسوا كذلك، وهذا ما يجب أن ننتبه إليه.


لو كنتَ في هذا الموقف، هل تريد لبقية العالم أن يبقى صامتاً؟ أن يتخلى عنك؟ إن السبب الوحيد بكونك بعيد عن ذلك الوضع، هو محض صدفة، يسمى بيانصيب الولادة، لقد فزت به بولادتك في مكان آخر غير سورية.


أنا محظوظة، وكذلك أنت... ولكنني أيضاً يائسة بشكل لا يصدق وأشعر بالعجز تماماً، نعم أنا أستراليّة، ولكني من أصل سوري، وقلبي مكسور،فالحروب تنتهي فقط عندما يدعو عدد كافٍ من الناس لوضع حد لها، وهذا ما نأمله، رغم أن الوضع معقد جداً ورهيب، ولكن لدى روسيا فرصة حقيقية لإظهار القيادة، ولربما حتى الظهور بمظهر البطل.


فبرغم ما يقوله جميع القادة السياسيين حول أهوال تنظيم "داعش"، فإن التهديد الحقيقي يكمن في النظام السوري، الطرف الذي يقتل أكبر عدد من المدنيين، إذ تقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنه على مدى السنوات الخمس الماضية، كان أكثر من 94 بالمئة من حالات القتل قد تمت على يد النظام السوري،  في حين تسبب تنظيم "داعش بـ1.3 في المئة من عمليات القتل.


أكثر من 11،000 برميل متفجّر ومواد شديدة الانفجار كان قد تم إسقاطها من مروحيات النظام على المستشفيات والمنازل والمدارس رغم أن الأمم المتحدة قد حظرت تلك الهجمات، إن هذه الهجمات الجوية هي القاتل الأكبر للمدنيين، كما أنها تؤدي إلى التطرف.

 

 ووفقاً لمنظمات غير حكومية تعمل على توثيق ضحايا الغارات الجوية والقصف الأرضي والانفجارات تم إحصاء أكثر من 50 بالمئة من مجموع الوفيات الموثّقة لعام 2014، كانت قد نجمت بجزء كبير منها بسبب البراميل المتفجرة التي يلقيها النظام السوري على المدنيين.


إن الأسد يريد للعالم أن يعتقد بأنه يقوم بقتال الإرهابيين، ولكنه وبنفسه قام بترك تنظيم "داعش" لينمو ويتشعّب، لنعتقد بذلك بأنه الخيار الأكثر أماناً، كما أكره أن أطلق عليه هذا الاسم، ولكن وللأسف فإن معظم أطراف المجتمع الدولي تتصرف على هذا الأساس، ولكن لن يكون هنالك من أمان، حتى تتم الإطاحة بالأسد خارج الصورة، والذي من شأنه أن يجعل السوريين يشعرون بالأمان بما فيه الكفاية للعودة لسورية.


تخيلوا اختفاء سكان مدينة سيدني بالكامل، هذا ما حصل في المدن السورية في الواقع، ولذلك هرب من الموت المحدق 5 ملايين لاجئ إلى خارج البلاد، بالإضافة لأكثر من 6 ملايين مدني كانوا قد فقدوا منازلهم داخل سوريا وهم الآن نازحون ضمن البلاد.


إن السوريين لا يريدون أن يكونوا في أوروبا، يريدون أن يكونوا في سوريا، إنهم فقط لا يريدون للبراميل المتفجرة أن تسقط على رؤوسهم، لا يريدون أن يتعرضوا للتعذيب والتجويع، ألا يبدو ذلك عادلاً بما فيه الكفاية؟


عندما تحدثت إلى العشرات من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، كانوا قد أجمعوا كلهم على قول واحد، هو أنهم لن يعودوا أبداً إلى سوريا إذا بقي الأسد هناك، لذلك وإذا أرادت أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا أن ترى أي نهاية قريبة لأزمة اللاجئين، يتوجب عليهم فقط القيام بمواجهة الأسد، ويمكن لروسيا القيام بذلك.


إن بوتين غير متشبّث بالأسد، وقد صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بصراحة واصفاً إياه بأنه "ليس بحليف لروسيا"، ولذلك فإن الأمر يعود لروسيا لبذل ما يكفي من الضغط على الأسد لإجباره على التنحي، ففي الوقت الذي رفض فيه أوباما إثبات أي قيادة له في القضية السورية، فلربما روسيا تستطيع ذلك.


إن اللّاجئين الذين يعيشون خارج حدود سوريا، قرروا ألّا يعودوا إن لم يشعروا بالأمان، حين تُسمَعُ أصوات أولئك الناس، حين يبدأ المجتمع الدولي الأخذ بجدية بقلقهم وحلولهم وآمالهم، سنستمر برؤية الحرب الفظيعة في سوريا وهي تأخذ منحى دوامة الحرب الباردة، وتفاقم أزمة اللاجئين.


وأخيراً أتساءلُ كيف ستحاكمنا أجيالنا القادمة، إذا ما واصلنا مشاهدة هذه المذبحة؟ لا تنسوا صورة الطفل الغريق "آلان" المحفورة في الذاكرة، ذلك الطفل الذي لفظه البحر يمثل التجربة الأليمة في طلب حقيقي لإنقاذ الأرواح: إيقاف البراميل المتفجرة، وتنحية أكبر قاتل للمدنيين في سوريا: وهو الأسد.


قبل أن تقوموا بمواصلة بقية يومكم، والحملة الانتخابية المملة، قوموا بفعل أي شيء مهم، اجعلوا من صوتكم مسموعاً...



*رانيا القضماني مؤسسة مجموعة تأثير المجموعة الدولية، والسكرتيرة الصحفية السابقة لرئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية كيفن رود.

مقالات متعلقة