The Telegraph – ترجمة بلدي نيوز
في بلدة دوما، القريبة من العاصمة السورية دمشق، لا أحد يجرؤ على إزالة القنابل الغير متفجرة التي تملئ ساحات المدارس، وقد أغلقت المدارس حتى إشعار آخر بسبب الهجمات التي شنتها الطائرات الروسية العسكرية بالقنابل العنقودية على سكان المنطقة.
الهجمات الأخيرة كانت قد نفذت في يوم 13 و14كانون الأول من قبل الطيران الروسي، حيث ألقيت القنابل العنقودية مسببة أحد أكثر الأيام دموية بالنسبة لما عاناه السوريين هناك منذ بدء الأزمة، فقد لقي 60 مدنياً حتفهم، من ضمنهم 8 أطفال في مدرسة ومديرتهم التي كانت تسعى لإنقاذ الطلاب فقتلت ايضاً.
يقول محمد عبد الرحمن: "نظام الأسد يحاول استنزاف الحياة من بلدتنا"، وهو مدرس لغة فرنسية باتت مهمته الآن استخراج الجثث من تحت الانقاض من مكانين في المدرسة التي قصفت.
دوما التي تطل على الحافة الشرقية لدمشق، لم تكن يوماً غريبة على المذابح والمجازر منذ بدء الحرب، فالمنطقة التي يسيطر عليها قوات المعارضة، تقول عنها جماعات حقوق الإنسان أنها قد استهدفت بشكل منهجي من قبل القوات الموالية لبشار الأسد، وفي نهاية أيلول، بدأت موسكو الضربات الجوية في جميع أنحاء البلاد لدعم النظام، وفي كثير من الأحيان بتكلفة رهيبة لحياة المدنيين.
الذخائر العنقودية هي قنابل تنفجر في الهواء ومن ثم تنفلق عنها قنابل صغيرة، ورغم افتقارها للتوجيه الدقيق، إلا أن خطورتها تكمن في أنها تغطي مساحة كبيرة، ولذلك تعتبر أسلحة خطيرة وتم حظرها من قبل 118 دولة، وعلى الرغم من أن روسيا نفت بشدة استخدامها في سوريا، إلا أن البحوث الجديدة تشير إلى أن الروس قد استخدموا هذه الذخائر العنقودية على نطاق واسع في البلاد.
وقال مجموعة من المدونين والناشطين المتخصصين في مراقبة العمليات العسكرية الروسية، يوم الخميس، أنهم قد حددوا ثلاثة نماذج من الذخائر العنقودية موجودة في القاعدة الجوية "حميميم، حيث مقر الفرقة الجوية الروسية في سوريا".
وخلافاً لادعاءات وزارة الدفاع الروسية، هناك أنواع مختلفة من القنابل العنقودية موجودة في القاعدة الجوية "حميميم"، حسبما ذكر التقرير، وبناءً على تحقيقاتهم، فمن المحتمل جداً أن تؤدي هذه الضربات إلى أضرار كبيرة في المنشآت المدنية وسقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين.
وقال محمد صالح، وهو أب لطفلين يساعد أحياناً فرق الانقاذ في دوما: "الخوف شديد مثل أي وقت مضى، عندما أرى أطفالي يلعبون، أدعو الله أن لا تكون نهايتهم تحت الانقاض".
وأضاف: "اذا كان العالم يعتقد أننا تعودنا على هذه الهجمات الآن، فهم مخطئون".
ومع اقتراب الحرب في سورية من عامها الخامس، آثارها على الأطفال السوريين لا تعد ولا تحصى، من قتلى وإصابات، وصدمات نفسية، وتراجع معدلات الالتحاق بالمدارس إلى 50% على الصعيد الوطني، وفي مدينة حلب المدمرة، هذا الرقم يتوقف عند 6% فقط.
كما أن ربع المدارس السورية على الأقل قد تضررت أو تم تدميرها، أو استخدمت لأغراض عسكرية، أو محتلة من قبل النازحين أو مهجورة لأن الآباء الآخرين يفضلون إبقاء أطفالهم سالمين خارج المدرسة خوفاً من الهجمات.
أما المدارس التي استمرت بالتدريس في منطقة دوما، فقد تغيرت المناهج فيها بشكل يصعب التعرف إليه، وهناك نقص كبير بالمواد التعليمية، كما أن غرف التدريس لا تتوفر فيها التدفئة بسبب نقص الوقود على نطاق واسع.
وقد استمر الفصل التدريسي في الخريف لمدة 30 يوماً فقط، بسبب القصف المنتظم والذي جعل حضور الدروس أمراً غاية في الخطورة، وعادة ما تبدأ الدروس باكراً وتنتهي باكراً بين السادسة والتاسعة صباحاً، كما أن تجمعات الطلاب في باحة المدرسة ألغيت حتى لا يكونوا هدفاً لقصف طيران النظام.
ويعتقد السكان المحليين، أنه في صباح يوم 13 كانون الأول، استهدفت المدرسة لأن طلابها تجمعوا في ظهور نادر في الملعب بعد امتحان نهاية العام، وقتلت مديرة المدرسة التي كانت تحاول إنقاذ التلاميذ كما عجزت سيارات الإسعاف عن البقاء لوقت طويل لإسعاف الجميع لأن الهجمات كانت بمعدل غارة كل 12 دقيقة.
كما تحدث الآباء عن الأذى والصدمات النفسية العميقة التي تؤثر على الأطفال بسبب القصف المستمر، حيث بات الكثير منهم يتبول في فراشه، وأصبحت نوبات الذعر شائعة بين الأطفال.
يقول ابو ماجد: "نحن نعيش صراعاً كل يوم، عما إذا كان يجب إرسال ابناءنا إلى المدرسة وسط الموت والمخاطر، أو أن نحافظ على حياتهم ونفقد التعليم .... نحن نعاني بلا أمل".
المدارس السورية هدف الطيران الحربي الروسي
الجمعة : 08 يناير 2016
