بلدي نيوز - (شحود جدوع)
نعى أبناء وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس والدهم في العاصمة الفرنسية باريس بعد وفاته سريرياً في أحد المشافي قبل حوالي أسبوعين، وذلك عن عمر يناهز 85 عاما، أمضى جلها في ظلم واضطهاد السوريين، وهو من أبناء مدينة الرستن الواقعة في ريف حمص الشمالي، والتي تعتبر اليوم من أكثر المدن المعارضة لنظام الأسد الابن، وفيها أكبر نسبة من الضباط المنشقين عن نظام الأسد ومنهم كثير من آل طلاس.
مصطفى طلاس الذي كان وزير دفاع النظام لعقود، يعتبر من المسؤولين عن سقوط الجولان 1967 مع حافظ الأسد، كما ساهم في ارتكاب العديد من المجازر ضد الشعب السوري، التي بدأت بعد دستور عام 1979 حيث أشرف على اعتقال الآلاف من السوريين المعارضين، وتصفيتهم في السجون، ومنها سجن تدمر الواقع في بادية حمص عام 1980، بالإضافة إلى مجزرة مدينة حماة عام 1982، وارتكاب مجازر بحق 50 ألف مدني في مدينة حماة على الأقل حينها.
وقد صادف خبر إعلان وفاة العماد مصطفى طلاس الذكرى السابعة والثلاثين لمجزرة سجن تدمر الشهيرة، والتي وقعت في السابع والعشرين من شهر حزيران من العام 1980، حيث حصلت فجر ذلك اليوم قوات سرايا الصراع بقيادة رفعت الأسد على الموافقة من العماد أول طلاس، للانطلاق باثنتي عشرة مروحية من مطار المزة إلى سجن تدمر، وتطويقه وارتكاب مجزرة بحق ما يزيد عن 1400 من المعارضين، ومعظمهم من الأطباء والصيادلة والمهندسين والمعلمين ورجال الدين والطبقة المثقفة، والذين اعتقلهم نظام الأسد الأب بعد المظاهرات التي رفضت الدستور الذي كرسه حاكما مطلقا في سوريا، ليثبت حكم آل الأسد واستحكامه بالشأن السوري.
اشتهر مصطفى طلاس إضافة لتوقيعه العشرات من قرارات الإعدام كل صباح بحق المعارضين السوريين، بكلامه البذيء، حيث كان قدوة لمعظم ضباط جيش النظام حينها، وسجلت له العديد من الكلمات النابية بالفيديو، كان أبرزها بحق الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
ومع انطلاقة الثورة السورية التزم مصطفى طلاس الصمت، ولم يسجل أي موقف تجاه جرائم الأسد الابن، وغادر إلى فرنسا مع باقي أفراد عائلته، ثم تلاها "انشقاق" نجله العميد في الحرس الجمهوري مناف طلاس، والمعروف بصداقته الحميمة لماهر الأسد وقربه منه، ولم يشترك أبناء طلاس في دعم الحراك السلمي أو المسلح في الثورة السورية، وإنما حاولوا رسم خط مغاير لخط الثورة السورية وخط النظام، للعودة إلى البوابة السورية، ولازالت تدور حول هذا الخط المدعوم فرنسياً العديد من الشبهات، بالإضافة إلى كونه منبوذ جماهيرياً من قبل الشعب السوري، وفشل في تشكيل أي حاضنة شعبية .
وتدور تساؤلات عديدة اليوم في الشارع السوري فيما إذا كان العماد مصطفى طلاس أوصى أبناءه بدفنه في فرنسا أم في مسقط رأسه في مدينة الرستن المحاصرة من قبل نظام الأسد، أم أن أبناء صديقه الحميم حافظ الأسد سوف يقومون بواجب دفنه مع من أحب في مدينة القرداحة، التي له في عنقها الكثير من الفضل في تسلط آل الأسد على الوطن السوري إلى اليوم، وعدم استثمار اللحظة التاريخية التي تلت وفاة القائد "الخالد" الذي أضحى بجواره اليوم.