بلدي
أكد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في مقابلة بثتها قناة CBS الأمريكية ضمن برنامج "60 دقيقة" أمس الأحد، أن إعادة إعمار ما دمرته الحرب على سوريا خلال الـ14 عاماً الماضية يُعد أولوية قصوى للحكومة، مشيراً إلى أن التكلفة المتوقعة لهذه العملية تتراوح بين 600 و900 مليار دولار أمريكي.
ودعا الشرع المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم اللازم، قائلاً: "العالم راقب هذه المأساة لـ14 عاماً ولم يتمكن من منع هذه الجريمة الكبرى، لذا يجب أن يقدم اليوم الدعم لسوريا".
وأوضح الشرع، الذي أجرى المقابلة مع مراسلة CBS مارغريت برينان في قصر الرئاسة بدمشق، أن العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على سوريا تعيق جهود الإعمار، مشدداً على أن “من يعوق رفعها يصبح شريكاً في الجريمة التي ارتُكبت”، مضيفاً أن سوريا "تستحق أن تعيش بسلام وأمن، وأن هذا يصب في مصلحة المنطقة والعالم"، مع التأكيد على انفتاح بلاده على الشراكات الدولية التي تحترم سيادتها.
وأشار الشرع إلى أن الحرب التي شنها النظام السابق أدت إلى مقتل أكثر من مليون سوري، وتدمير واسع للبنى التحتية، ونزوح ملايين كلاجئين ونازحين داخليين، مما خلق "أجيالاً كاملة عانت من صدمات نفسية هائلة". وأكد التزامه بمعالجة هذه الصدمات كجزء أساسي من عملية الإعمار، التي لا تقتصر على البنية التحتية بل تشمل إعادة بناء الثقة والأمل لدى الشعب.
وفيما يتعلق بملاحقة الرئيس السابق بشار الأسد، الذي يقيم حالياً في موسكو بعد هروبه في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 من قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، قال الشرع إن حكومته "ستستخدم كل الوسائل القانونية الممكنة للمطالبة بتقديمه للعدالة".
ومع ذلك، شدد على أن “الدخول في صراع مع روسيا الآن سيكون مكلفاً جداً لسوريا، ولن يكون في مصلحة البلاد”، لافتاً أن روسيا تستبعد حالياً تسليم الأسد، حيث أكد السفير الروسي في بغداد ألبرت كوتراشيف أن شروط إقامته في موسكو تشمل عدم أي نشاط إعلامي أو سياسي، مع حق اللجوء، وأن تسليمه غير وارد.
ورداً على اتهامات الأمم المتحدة بانتهاكات للقانون الإنساني الدولي من قبل قوات حكومية أثناء أحداث الساحل في آذار/مارس 2025 وفي السويداء في تموز/يونيو، وصف الشرع هذه التقارير بأنها "مبالغ فيها"، مؤكداً التزام الدولة بـ"محاكمة كل من ارتكب جرائم ضد المدنيين، من أي طرف كان"، وأضاف أن هذه المسائل داخلية يجب حلها قانونياً.
وتحدث الشرع عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، مشيراً إلى أن إسرائيل قصفت محيط قصره الرئاسي مرتين: الأولى في غيابه، والثانية أثناء وجوده قريباً من مكان القصف، وقال: "سوريا لم تستفز إسرائيل منذ وصولنا إلى دمشق، ولا تريد أن تشكّل تهديداً لها أو لأي دولة أخرى"، مضيفاً أن هذه الهجمات ليست "رسالة بل إعلان حرب، لكن سوريا لا ترغب في خوض الحروب".
وأكد ضرورة انسحاب إسرائيل من أي نقاط احتلال بعد 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، مشدداً على أن المفاوضات الأمنية الجارية بين دمشق وتل أبيب تهدف إلى ذلك.
ومع ذلك، تعثر الاتفاق بسبب رفض سوريا إنشاء ممر إنساني من إسرائيل إلى السويداء، كما نقلت وكالة رويترز في 26 أيلول/سبتمبر 2025.
وأكد الرئيس الانتقالي أن عمليات “هيئة تحرير الشام” قبل التحرير كانت موجهة حصرياً لإسقاط نظام الأسد، “ولم تقم بأي عمليات خارج الأراضي السورية ولم تستهدف أحداً سوى النظام”، وأعاد التأكيد على قطع العلاقات مع تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، قائلاً: "لو كنت متّفقاً معهما، لما تركتهما".
وعن ماضيه الشخصي، الذي شمل انتماءً سابقاً إلى جماعات جهادية، أوضح أنه كان في "السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من عمره" عند ارتكاب "أخطاء الماضي"، مشيراً إلى أنه اكتسب "وعياً مختلفاً تماماً عمّا كان عليه قبل 20 سنة".
ورداً على وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له بـ"الوسيم ذي الماضي القوي"، علق الشرع بأن ذلك الماضي أدى إلى تصنيفه إرهابياً من قبل الولايات المتحدة، مع مكافأة بـ10 ملايين دولار على رأسه حتى قبل أشهر قليلة، لكنه اعتبرها "تبديداً للمال".
أما عن شكل الحكومة المقبلة، فقد أوضح الشرع أن الانتخابات العامة ستُجرى بعد إعادة بناء البنى التحتية وحصول السكان على بطاقات هوية ووثائق رسمية، مشدداً على رغبته في أن تكون سوريا "مكاناً يُصوّت فيه كل شخص".
وأعرب عن تفاؤله بأن أبناءه سيشهدون إعادة الإعمار، قائلاً: "بالتأكيد، الشعب السوري قوي وقادر على النهوض من جديد".
وعند سؤاله عن دخوله القصر الرئاسي لأول مرة، وصف التجربة بأنها "لم تكن إيجابية جداً، خرج من هذا القصر الكثير من الشر تجاه الشعب السوري"، لكنه أكد أهمية منح الناس أملاً اليوم للعودة إلى منازلهم.
 
                 
                             
                                                    