تستعدّ الولايات المتحدة والحكومة السورية الجديدة لتوقيع اتفاق رسمي ينظّم انتشار القوات الأميركية ويمنح وجودها شرعية قانونية للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية، وفق معلومات متقاطعة حصلت عليها «إندبندنت عربية» من مصادر سورية وأميركية.
الاتفاق، المزمع توقيعه خلال أيام، يقضي بانسحاب كامل من قواعد دير الزور والرقة والحسكة، مع الإبقاء على قاعدة التنف عند المثلث الحدودي السوري-الأردني-العراقي، مقابل شراكة سياسية واقتصادية موسَّعة ومحدّدة جغرافيّاً.
وأكد مصدر أمني سوري للصحيفة أن وفداً عسكرياً أميركياً سيزور دمشق قريباً لتوقيع التفاهم. ويُرتقب أن يكون هذا التطوّر تتويجاً للقاء الرئيسين دونالد ترامب وأحمد الشرع في الرياض، وما سبقه من مشاورات غير معلنة.
يتقاطع ذلك مع ما كشفته شبكة «فوكس نيوز» عن سحب نحو 500 جندي أميركي وإغلاق قاعدتين في دير الزور وتسليم ثالثة لقوات سوريا الديمقراطية خلال الأسابيع الأخيرة، في خطوة اعتبرتها واشنطن «إعادة تموضع» لا «انسحاباً شاملاً».
وصرح العضو الجمهوري في الكونغرس مارلين ستوتزمان بأن النجاح ضد تنظيم «داعش» يسمح بتقليص الحضور العسكري، مشيراً إلى دعم تشريعي لإلغاء «قانون قيصر» ورفع العقوبات عن دمشق. في المقابل، أوضح المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية مايكل ميتشل أن الانسحاب الكامل «سابق لأوانه» خشية عودة التنظيمات المتطرفة، مؤكداً بقاء قاعدة التنف لملاحقة «داعش» ورصد الميليشيات المدعومة من إيران.
يرى مراقبون أن خفض القوات يعكس ثلاثة عوامل رئيسة: إنجاز مهمة مكافحة «داعش»، توجه إدارة ترامب لخفض الكلفة العسكرية، وسقوط النظام السابق لصالح حكومة منفتحة على واشنطن وغير متحالفة مع طهران. ويُتوقَّع أن يفتح الاتفاق الباب أمام استثمارات أميركية في الطاقة والبنى التحتية، وأن يُعاد دمج «قسد» ضمن المنظومة العسكرية السورية.
وبهذا، ينتقل الوجود الأميركي من مرحلة انتشار «ردعي» خارج الشرعية السورية إلى شراكة أمنية-اقتصادية معلَنة، فيما يوحي الانسحاب من الشمال الشرقي بانتهاء فصلٍ من النزاع، ويشير الإبقاء على التنف إلى استمرار الحضور الأميركي «بأدوات جديدة وأهداف مختلفة».