بحث

أطماع بوتين في الشرق الأوسط تعود لزمن القياصرة

The Wall Street Journal
ربما يكون تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أشعل في سوريا العديد من المفاجئات، إلا أن ذلك التدخل سوى إحدى التطلعات الروسية الجيوسياسية والتي تمتد إلى عهد القياصرة، فكل طالب روسي يتم تدريسه عن الموت العنيف لألكسندر غريبويدوف في عام 1829، الشاعر والكاتب المسرحي الذي كان عمله يكرس في شريعة البلاد الأدبية، وكان سوء حظ غريبويدوف يتجلّى بكونه سفير القيصر نيقولا الأول في طهران في أعقاب الخسارة المذلة لفارس، للكثير من أراضيها لصالح الإمبراطورية الروسية المتوسعة حينها، ولذلك قام بعض من الغوغائيين الإيرانيين، الساخطين على القيصر الروسي وممثله الكافر، باقتحام السفارة في طهران، ذابحين السفير الروسي سيئ الحظ،  بالإضافة إلى 36 غيرهم من الموظفين الدبلوماسيين الروس.
بعد ذلك بحوالي قرن ونصف، وتحديداً في عام 1979، تمت إعادة تلك الأحداث تقريباً في إيران (كما تعرف بلاد فارس في الوقت الحالي)، وذلك عندما اجتمع خمسة من قادة الطلاب الثوري الإيراني في طهران لتقرير استهداف أي من السفارات الأجنبية، اقترح اثنان منهم الاستيلاء على مفوضية الاتحاد السوفييتي في طهران، ولكن لاحقاً تمّ إقناعهم باجتياح السفارة الأمريكية حينها عوضاً عن ذلك، خالقين صدمة تاريخية لقوة عالمية أخرى في شرك السياسة في الشرق الأوسط.
إن تاريخ روسيا الطويل من التدخل والصراع في المنطقة، غير معروف إلى حد كبير بالنسبة للغربيين، ولكنه يساعد على تفسير قرار فلاديمير بوتين في الخريف الماضي بالتدخل العسكري المباشر في الحرب السورية، إن مناورة بوتين تلك، باسم الديكتاتور السوري بشار الأسد، كانت قد صدمت الكثيرين في الغرب على حين غرة، بينما هاجم النقاد بشدة ذلك القرار، واصفينه بالمزايدة غير المحسوبة لروسيا، لتحل مكان الولايات المتحدة باعتبارها القوة الخارجية المهيمنة في المنطقة.
ولكن وبالنظر إلى وجهة النظر الروسية، فإن مغامرة فلاديمير بوتين تلك في الشرق الأوسط تبدو وكأنها شيء مختلف جذرياً: إذ أنها عودة متأخرة لتطلعات روسية جيوسياسية، والتي تمتد إلى الوراء كثيراً، ليس فقط إلى الحقبة السوفييتية ولكن لقرون مضت من العهد القيصري الروسي، فكما صرّح فيودور لوكيانوف رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع في موسكو، والذي يقدم المشورة للكرملين والمؤسسات الحكومية الأخرى، قائلاً: "إن الشرق الأوسط هو الوسيلة الأمثل لتسليط الضوء على أن فترة الغياب الروسي الطويل عن الساحة الدولية كدولة عظمى من الدرجة الأولى قد انتهت".

في سوريا كان بوتين قد حقق نتائج ملحوظة، إذ قامت روسيا بتدخلها ذلك بمنع انهيار نظام الأسد، الذي بدا وشيكاً على السقوط قبل عام واحد فقط، كما أنها وضعت نفسها في قلب المناورات الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط، مما يشكل تحدياً لا مثيل له للنفوذ السابق للولايات المتحدة في المنطقة، وقال سليم الجبوري، رئيس مجلس النواب العراقي والسياسي السني رفيع المستوى في البلاد "لقد أرسلت روسيا رسالة واضحة إلى الشرق الاوسط بتدخلها المباشر في سوريا: نحن أكثر جدية في تسوية مشاكل المنطقة من الأميركيين".
ولكن روسيا اليوم لم تعد قادرة على إملاء النتائج على الشرق الأوسط، كما فعلت سابقاً في القرن الـ19 مع بلاد فارس، حيث توصف حملة بوتين العسكرية في سوريا بالمحدودة وذلك بحسب التصميم والضرورة، كاستثمارٍ متواضعٍ من قبل سلطة تستطيع فقط تَحَمّل الاستثمار المتواضع، إنها محاولة روسية لتصبح ذات صلة مرة أخرى بهذه المنطقة، والتي كانت القوة الروسية من الناحية التاريخية تتواجد فيها كخلفية استراتيجية.
لقد كانت روسيا على اتصال مع العالم الإسلامي، بعلاقة غير ودية في كثير من الأحيان، ولأكثر من ألف عام، ففي القرن السابع وقبل فترة طويلة من ظهور الإمارات السلافية، التي من شأنها أن تشكل في نهاية المطاف الدولة الروسية،  قامت الجيوش العربية للخلافة المبكرة بجلب الإسلام إلى ديربنت، أقدم مدينة في روسيا الاتحادية اليوم.
ووصف ابن فضلان، الرحالة والدبلوماسي العربي الذي ينتمي إلى القرن ال10، مقابلته مع الروس الأوائل أثناء زيارته إلى المدن الإسلامية على طول نهر الفولغا، حيث كان قد صُدِمَ ب"أجسادهم المثالية"، سوء نظافتهم، وممارستهم لحرق الفتيات الرقيق في المحارق الجنائزية والتي تنقلها القوارب مع النبلاء الميتين.
بينما كان ابن بطوطة، الرحالة العربي الأشهر في القرن ال14، أقل انبهاراً حيث وصفهم في كتابه قائلاً بأنهم "شعب قبيح، غدارٌ بطبعه، ذو شعر أحمر وعيون زرقاء"، وفي ذلك الوقت، كان الأمير الموسكوفي خادماً يتبع للخان المسلم من القبيلة الذهبية، بينما كنت عملة موسكو تحمل الحروف العربية.
وفقط في عام 1480 أصبحت إمارة مسكوفي إمارة مستقلة تماماً متوقفة بذلك عن دفع الجزية إلى أسيادهم المسلمين، وبعد بضعة عقود، بدأ القيصر الروسي إيفان الرهيب بسلسلة من الحروب الدامية، التي دمرت الخانات الإسلامية العظمى في كل من قازان، استراخان وسيبيريا، دافعاً بالحدود الروسية نحو أقصى الجنوب والشرق.
في القرون التالية، خاضت روسيا أكثر من عشرة حروب ضد الإمبراطورية العثمانية، متقدمة بثبات نحو الأراضي التي تسيطر عليها فارس، وفي "اللعبة الكبرى" للقرن الـ19، تقدمت روسيا جنوبا باتجاه الهند البريطانية، ملتهمة إمارات آسيا الوسطى واحدة تلو الأخرى، مقتربة إلى حد ما من الإحتدام مع البريطانيين على أفغانستان.
بينما تصف روسيا نفسها بكونها حامية مسيحيي الشرق الأوسط، والذي كان العديد منهم من طائفة الأرثوذوكس، مثل الروس، بينما كان الرئيس الحالي للكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل، قد أشار إلى هذا، عندما وصف في الآونة الأخيرة بأن حملة العسكرية الروسية في سوريا "حرب مقدسة"، واصفاً القوات الروسية المقاتلين في سوريا ب"محاربي المسيح الأحبة".
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، وعدت كل من بريطانيا وفرنسا، الروس أنه وبمجرد هزيمة الإمبراطورية العثمانية، فإن جائزتها في نهاية المطاف ستكون مدينة "القسطنطينية" (اسطنبول)، والتي ستكون تحت ذراع الحكم الروسي، و لم يتحقق هذا الوعد بعد الثورة البلشفية في روسيا عام 1917.
في وقت لاحق كان الاتحاد السوفييتي، والذي احتفظ بمعظم الأراضي التي سيطر عليها القياصرة من قبل، جائعاً للمزيد من النفوذ في الشرق الأوسط، وفي عام 1941، بالعمل مع شركائه في الحرب العالمية الثانية، قام الاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة باحتلال إيران والإطاحة بالشاه، بحجة ظاهرية بأن احتلالهم ذلك جاء لمنع الأنشطة الألمانية في إيران.
وعند الوصول لسيتينيات القرن المنصرم، كانت الأسلحة السوفييتية والطيارين والمدربين العسكريين يتدفقون بغزارة إلى زبائنهم من الدول العربية، محولة بذلك الشرق الاوسط إلى ساحة منافسة أخرى في ظلال الحرب الباردة، فبينما كانت الولايات المتحدة تدعم الأنظمة العربية الملكية، وقف السوفييت مع الأنظمة اليسارية في كل من مصر، سوريا، العراق، ليبيا وجنوب اليمن، والتي أصبحت الدولة الماركسية الوحيدة في العالم العربي.
وباندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979 وصعود الإسلام السياسي، بدأ نفوذ موسكو في الاضمحلال، ووقعت مصر الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان، معاهدة السلام التي توسطت فيها الولايات المتحدة مع اسرائيل، في حين لاحظت موسكو الحالة النموذجية من الطموحات الإمبريالية المبالغ فيها، عن طريق غزو أفغانستان وتقليص نفوذها الإقليمي وتسريع انهيار الاتحاد السوفييتي نفسه.
بعد إجتياح صدام حسين للكويت في عام 1990، وقف ميخائيل غورباتشوف جنباً إلى جنب مع الحرب التي قادتها الولايات المتحدة لإخراج العراق من الكويت، وبينما بلغ نفوذ موسكو في المنطقة الحضيض، نما تدخل واشنطن بشكل أكبر، وفي العقد التالي، حين كانت روسيا مشغولة جداً في محاولة منع انهيار دولتها الهشة إثر انهيار الاتحاد السوفيتي، خائفة من تلك الانتفاضات الانفصالية في الشيشان وغيرها من المناطق الإسلامية.
وقام بوتين بتهدئة تلك المناطق الحدودية بنجاح، وفي البداية سلّم أمر منطقة الشرق الأوسط إلى حد كبير من دون أي نزاع لصالح الطرف الأمريكي، ومؤخرا، في عام 2011، عندما بدأ الربيع العربي بالتوسع عبر المنطقة، اختارت موسكو عدم استخدام حق الفيتو في مجلس الامن لمنع القرار الذي مهد الطريق أمام الولايات المتحدة وحلفائها للتدخل عسكريا في ليبيا والإطاحة بمعمر القذافي، ولكنه قام مراراً بمنع اتخاذ أي إجراء من هذا القبيل في سوريا مستخدماً حق الفيتو ولعدة مرات، حيث قتل أكثر من نصف مليون مدني، بينما نزح أكثر من نصف سكان البلاد منذ عام 2011، وفقا للأمم المتحدة.
إن علاقات موسكو مع النظام السوري تعود لعقود عديدة من أيام حكم حافظ الأسد، والد بشار الأسد، حيث أن سوريا هي موطن المنشأة البحرية الروسية الوحيدة في المتوسط، في طرطوس، وفي حين أن صرّحت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بأن على الأسد أن يتنحى عن السلطة وبأنه قد فقد شرعيته كرئيس، امتنعت واشنطن عن مهاجمة نظام الأسد بشكل مباشر بعيداً عن التصريحات، بينما قام بوتين على النقيض من ذلك، بنشر أحدث الاسلحة الروسية ضد معارضي نظام الأسد، بما في ذلك الجماعات التي تدعمها واشنطن بنفسها.
وقليل من الأشخاص في الشرق الأوسط، وحتى المستفيدين من روسيا، قاموا بتخصيص دوافع خيرية للنشاط الروسي الجديد في المنطقة، فقد قال ياسين جابر، العضو الشيعي في البرلمان اللبناني والوزير السابق بأن "الروس لا يفعلون ذلك لأنهم جزء من الصليب الأحمر، بل إنهم يفعلون ذلك لأن لديهم الكثير من المصالح"، بينما أضاف "لقد حققوا الآن حلمهم التاريخي بوجود قواعد لهم في المياه الدافئة للمنطقة، بينما سيتأكدون من أن أي خطوط من أنابيب الغاز لن تأتي من آسيا الوسطى أو قطر من دون موافقتهم، لقد كسبوا حقاً موطئ قدم في المنطقة".
إن طموح بوتين في إعادة تأسيس روسيا كقوة عظمى في الشرق الأوسط وبقية العالم، كان مقيداً بالاقتصاد الروسي المنهار الذي لا يزال ينكمش، بينما يعاني بالفعل من العقوبات التي فرضها الغرب بعد غزو بوتين لأوكرانيا في عام 2014، لقد كانت روسيا قد تضررت بشدة من انخفاض أسعار النفط والغاز والصادرات الرئيسية في البلاد، ولكن مثل هذه الحدود هي مألوفة بالنسبة لروسيا، التي لم تكن مزدهرة بشكل كبير في وقت سابق، ولكن وفي كثير من الأحيان سعت للدور القيادي في الشؤون العالمية.
وكما أوضح ديمتري ترينين، مدير مركز كارنيجي للدراسات في موسكو والضابط العسكري السوفييتي السابق والذي تضمنت وظيفته قضاء بعض الوقت كمستشار عسكري في العراق: "إن بوتين يدرك سلفاً بأن روسيا اليوم، باستنادها على أساس الثقل الاقتصادي، لا يمكنها أن تكون قوة عظمى، ولكنه يرفض أن يتصرف وفقاً لهذا " بينما أضاف قائلاً: "إنه يتطلّع للتوسع بشكل أكثر بكثير مما تتيح له القوة الاقتصادية الروسية، إن المنظور العالمي يتمثل بأننا إما قوة عظمى، أو بأننا نتفكك لنصبح لا شيء".
وليس الاقتصاد الروسي الضعيف فقط ما يحدّ من نطاق النفوذ الروسي، إذ أن روسيا تفتقر إلى هذا النوع من القوة الناعمة التي تمتاز بها الولايات المتحدة، والتي قامت بممارستها لفترة طويلة في جميع أنحاء العالم، حيث أن الشباب العرب والإيرانيون ليسوا حريصين بشكل خاص على مشاهدة الأفلام الروسية، والاستماع إلى الموسيقى الشعبية الروسية أو حتى التطلع نحو الدراسة في روسيا.
وقال الكاتب والمعلق اللبناني حازم صاغية: "لا أحد في هذا الجزء من العالم يحب أو يكره الروس اليوم، إن روسيا في العقل العربي ليست سوى استراتيجية سياسية وبعض الأسلحة، إن هذه هي سلعها الوحيدة" كما أضاف "لا يمكنها منح الكثير، لأنها لا تملك الكثير".
وهناك تأثير اجتماعي وثقافي أقوى، يستقطب الآخرين نحو الاتجاه الآخر، فالمسلمين يشكلون اليوم حوالي 15% من السكان الروس، نسبة نمت في وقت سابق من خلال تدفق الملايين من العمال المهاجرين من آسيا الوسطى، كما أن روسيا أيضاً، حسب بعض التقديرات، هي ثاني أكبر مصدر لمجندي تنظيم "داعش" في العالم، ومن مدينة مثل ديربنت فإن المسافة إلى بغداد هي تقريباً نفس من بوسطن إلى شيكاغو، يقول أندريه كورتنوف، رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسية، المؤسسة البحثية التابعة لوزارة الخارجية الروسية "إن الشرق الأوسط قريب جداً لروسيا، لأن تكون مجرد مراقب، إذ أنها ليست أستراليا النائية أو الأرجنتين، إن هذا يتطلب منّا القيام بدور نشط".
ودور نشط لا يعني، محاولة تقليد التعاقدات الضخمة للشرق الأوسط مع الولايات المتحدة على مدى العقد الماضي، يقول سيرغي لوكيانوف عضو مجلس السياسة الخارجية والدفاع بأن "التجربة الأمريكية في العراق، تجري دراستها باهتمام كبير" بينما أضاف "إن الدرس المستفاد هو أنه لا يمكننا الانخراط بعمق كبير، ولكن أيضاً لا يمكننا الانسحاب بسرعة كبيرة."
وعلى الرغم من قلقها حول الحفاظ على حدود لمشاركتها في سوريا، فإن موسكو لربما كانت، كما أشار أوباما علناً في العام الماضي "عالقة في مستنقع"، بينما تخاطر روسيا أيضاً بنفور الأكثرية السنية في العالم الإسلامي بوقوفها مع الديكتاتور الأسد، والذي تدعمه إيران الشيعية والميليشيات الشيعية في حربه ضد الثوار من السنة، في منطقة تقسيم متزايد من الخطوط الطائفية، مثل هذه التحالفات قد تجعل من روسيا هدفاً أكبر لتنظيم "داعش"، وغيرها من الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة.
وإدراكاً لهذا الخطر، تجنبت روسيا السعي لدفع الولايات المتحدة خارج المنطقة، أو التنازع معها، وعلى الرغم من كلامها المنمق في بعض الأحيان، رحبت موسكو بهدوء بقرار أوباما مؤخراً، بتمديد نشر ما يقرب من 10.000 من القوات الأمريكية في أفغانستان، وهي الخطوة التي يمكن أن تحول دون انتشار التشدد الاسلامي في الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى المجاورة لروسيا.
وعلى عكس تحالفات الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفياتي السابق، كانت تلك التحالفات مع الشرق الأوسط متعرقلة بأيديولوجية- روسيا "البوتنية" والتي تمتاز بكونها تتحدث بشروطها كل القوى الرئيسية في المنطقة، (بينما كان الاستثناء الوحيد هو الطرف التركي، الخصم اللدود لنظام الأسد، والذي قام بإثارة غضب بوتين بعد إسقاطه لطائرة حربية روسية في نوفمبر/تشرين الثاني).
تقول يلينا سوبونينا الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، المؤسسة البحثية التابعة للكرملين "بينما ينحسر النفوذ الأمريكي في المنطقة، تبنى موسكو علاقات فريدة من نوعها في الشرق الأوسط، ففي حين إنشائها علاقات استراتيجية عميقة وقوية مع إسرائيل، قامت في الطرف الآخر ببناء علاقات وثيقة لا تقل أهمية مع إيران"، بينما أضافت قائلة: "كما تحافظ موسكو حتى على علاقاتها مع حماس وحزب الله، والذين يعتبرهم الغرب جماعات إرهابية، ليس هنالك من دولة غربية واحدة تستطيع تكرار ما تقوم به روسيا"
إن هذا الاستعداد للتعامل مع جميع الأطراف يعني، بأن روسيا تجد نفسها اليوم مفتقرة إلى الحلفاء الرئيسيين في المنطقة، إذ حتى ومع انضمام روسيا لإيران في إنقاذ نظام الأسد، لا تزال العلاقات الشاملة ما بين الإيرانيين والروس، علاقات باردة، بينما لم يصبح البلدان شركاء تجاريين رئيسيين، كما أن الإيرانيون مستاؤون من التعاون الروسي مع إسرائيل، في حين لا تريد روسيا الانجرار الى الصراع الإيراني الطائفي مع القوى السنية في المنطقة بقيادة المملكة العربية السعودية.
و صرّحت دينا إسفندياري، الزميلة في كلية كينغز في لندن بأن "الإيرانيين يشعرون باستمرار خداعهم من قبل الروس، وبأنهم لن يقوموا بالإيفاء بوعودهم"، في حين وافقها السيد ترينين من مركز كارنيجي قائلاً بدوره بأن "ليس هنالك حب لإيران في روسيا، ولا لروسيا في إيران، إن جمال هذه العلاقة هو أنها عمليّة بحتة"، بينما أضاف قائلاً: "إن الكيان الوحيد في الشرق الأوسط، الذي يتعاطف معه نسبة كبيرة من الروس هي إسرائيل، وذلك بسبب العدد الكبير من الإسرائيليين القادمين من الاتحاد السوفييتي السابق، والمتحدثين باللغة الروسية، وبطبيعة الحال، فإن إسرائيل أيضاً هي الحليف الإقليمي الأقرب للولايات المتحدة."
إن العلاقة الروسية-الإسرائيلية الدائمة، من المرجح لها أن تنمو بشكل أكثر دفئاً حتى، وذلك مع تشكيل حكومة من أبرز الإسرائيليين السوفييتيين المولد، أفيغدور ليبرمان، الذي أصبح وزير الدفاع الاسرائيلي في الاسبوع الماضي، بينما دعا ليبرمان القومي الإسرائيلي المتطرف ووزير الخارجية السابق، الاتفاق الذي تم تحت ظل الرعاية الروسية لإزالة مخزون الأسلحة الكيميائية السورية بالنعمة الكبرى للأمن الإسرائيلي.
وقد صرّح الإسرائيلي ليبرمان في مقابلة له، قبل استلام منصبه الجديد كوزير للدفاع "تجربتي هو أنه يمكنك التعامل مع الروس، فهم واقعيون، ويمكنك إغلاق الصفقة والحصول على إجابة واضحة" بينما أضاف "إن روسيا قريبة من المنطقة، ولن تتخلى أبداً عن مصالحها في الشرق الأوسط، إنها موقع وقوة أكبر جداً من أن يتم تجاهلها".

مقالات متعلقة