بحث

قصف حلب يجب أن يحث الولايات المتّحدة على تغيير سياستها في سوريا

 واشنطن بوست – ترجمة بلدي نيوز

إن القصف المدمّر على مستشفى في حلب، ليلة يوم الأربعاء الماضي والّذي أسفر عن مقتل 50 مدني على الأقل، بما في ذلك ستة أعضاء من الطاقم الطبي بالإضافة لعدد من الأطفال، لم يكن محض صدفة، ولا ينبغي له أن يكون مفاجأة لدعاة وقف إطلاق النّار السّوري.
فلأسابيع مضت، كان نظام الأسد قد أعلن عن نيّته بإعادة الاستيلاء على المناطق التي تسيطر عليها قوّات الثوّار، شرقيّ محافظة حلب، وذلك بمساعدة "شركائهم الروس" كما وصفهم في وقت سابق رئيس الوزراء السوري، إنّ قصف المستشفيات وأسواق المواد الغذائية، بدوره، كان مكوّناً معياريّاً لحملات الأسد العسكريّة، والهادفة لدفع المدنيين خارج المناطق التي يسيطر عليها الثوار.
بحلول يوم السبت، كان الهجوم على حلب في يومه التاسع، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وقتل أكثر من 226 مدنياً جراء القصف الهمجيّ حتى يوم الجمعة، من بينهم 50 من النساء والأطفال.
في حين أنّ المسؤولين الأمريكيين ومسؤولي الأمم المتحدة لا يزالون متشبّثين "بأوهامهم" بأنّ "الهدنة" الذين قالوا إنها قد بدأت يوم 27 فبراير/شباط، والتي لم يلتزم بها نظام الأسد، لا تزال على قيد الحياة بطريقة ما .
لقد غدت السياسة الأميركية في سوريا روتيناً مقززاً، حيث قال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الخميس: "أعتقد بأننا سنحافظ على قولنا بأن الهدنة صمدت إلى حد كبير"، في الحين الذي ما يزال عماّل الإنقاذ ينتشلون الأطفال السوريين من تحت أنقاض جناح طب الأطفال في مستشفى حلب، وفيما يقوم وزير الخارجية جون كيري بالتفاوض مع روسيا بشأن خطوات لوضع حد للعنف!
وتصرّ الولايات المتّحدة على أنها سوف تنتقل إلى الخطة "ب" في حال فشلت تلك المفاوضات، ومن ثمّ تسخر روسيا والنظام السوريّ من تلك الاتفاقيات، مستمرّة في قصف المدنيين ومهاجمة الثوّار المدعومين من الغرب.
أما السيد كيري فيستنكر "بحسب البروتوكولات السياسية" تلك الأعمال الوحشية، وذلك كما فعل يوم الخميس، عندما قام بالإعلان عن "غضبه" من "القصف المتعمّد على منشأة طبيّة معروفة"، ومن ثم ينسى حديثه السّابق عن الخطة "ب"، إذ يعود السيد كيري إلى الرّوس مرة أخرى، بنداء آخر للتعاون، وهذا ما حدث بعد قصف المستشفى: وزارة الخارجية قد التزمت "بالعمليّة السياسية" وفقاً للسيد كيربي، الذي كان قد ذهب إلى حدّ وصف "الخطة بـ "بالأسطوريّة".
يوم الجمعة، تمّ الإعلان عن "وقف إطلاق نار جزئي" جديد، وذلك ابتداء من يوم السبت في ضواحي محافظة دمشق والمنطقة الساحلية في اللاذقية، أمّا بالنّسبة لمدينة حلب حيث يجري هجوم النّظام العنيف، فقد تمّ استبعادها من تلك الهدنة.
في الواقع، يبدو أن هنالك خطة بديلة للولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، والتي كانت قد ذكرت مؤخراً بأنها تشارك في توريد أسلحة أكثر قوة للثوّار السوريين، ربّما، بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات، يمكنها أن تسقط طائرات ومروحيات النظام السوريّ، كانت قد أفادت على نطاق واسع بأن كيري بنفسه، كان قد ضغط من أجل تقديم المزيد من المساعدات للثوّار وذلك باعتبارها وسيلة لكسب النفوذ على نظام الأسد وروسيا، ورغم ذلك فإن ذلك الإجراء، تمّ إيقافه.
طوال فترة الحرب السورية، كان الرئيس أوباما، يخشى من أنّ تدخّل الولايات المتّحدة سيجعل الوضع أسوأ، ورفض أي خطوات كان من شأنها جعل الوضع أفضل في سورية.
إن الأعمال الوحشية الأخيرة، يجب أن تدفع أوباما إلى إعادة النظر، في تدابير لتعزيز قوّة الثوّار، والحد من سلاح جوّ النظام، فهذا ليس فقط الرد الصحيح من الناحية الأخلاقية اتجاه القصف المتعمد على المستشفيات وأسوق المواد الغذائية، بل عملياً- إن تدابير كهذه، ستقوم بتوفير السبيل الوحيد لإجبار نظام الأسد وحلفائه على التفاوض بجديّة حول مستقبل سوريا.
إن الرئيس الأمريكي لا يزال لديه الفرصة للتخفيف من حدّة أخطائه السّابقة، وخلق مسار نحو السلام في سوريا، ينبغي عليه أن يغتنمها.

مقالات متعلقة