بحث

هل أرسلت روسيا سلاحاً نووياً إلى سوريا؟

بلدي نيوز - راني جابر (محلل عسكري)
القاعدة الجوية الروسية في سوريا هي إحدى إنجازات بوتين العظمى خلال حكمه بعد إخماده للثورة الشيشانية بداية الألفية الجيدة، فبوتين الذي أرسل طائراته و حفنة من الجنود والدبابات لمساندة النظام، يعلم تماماً الاستفادة التي سيجنيها من امتلاكه لقاعدة عسكرية في سوريا.
فيبدو أن روسيا تدرك تماماً تأثير قاعدة حميميم الجوية على الوضع في المنطقة والعالم ككل، هذه القاعدة التي تعتبر الأولى التي يمتلكها الروس على سواحل البحر المتوسط، تعتبر تهديداً استراتيجياً كبيراً للناتو ودول الخليج من عدة نواحي، ليس أولها مجاورتها للقاعدة البريطانية في قبرص وملاصقتها للحدود التركية، ووجودها على مقربة من القواعد الأمريكية في الخليج والعراق، عدا عن إشرافها على شرق المتوسط ككل.
فإمكانية تحولها لقاعدة للقاذفات الاستراتيجية الروسية أو احتمالية نشر بطاريات صواريخ بالستية فيها سواء قصيرة أو متوسطة المدى، تشكل قيمة عسكرية وسياسية كبيرة لروسيا، وورقة ضغط مهمة بيد الروس ضد تركيا التي تجد الروس للمرة الأولى تاريخياً على حدودها الجنوبية.
إضافة لقربها الكبير من أحد مصادر التهديد الأول لروسيا بعد احتلال الشيشان، حيث يعلم الروس تماماً أنهم سيقاتلون ضد الجهاديين مرة أخرى طال الزمان أم قصر، لذلك فهم يسعون حالهم كحال الغرب أجمع لضربهم في أراضيهم، ومنع امتداد الصراع إلى الداخل الروسي الذي يكاد يستحيل إطفاء ناره لو استعرت في أراضي الجمهوريات المسلمة التي تحتلها روسيا بشكل أو بأخر.
صواريخ بالستية
بعد الطائرات ومنظومات الدفاع الجوي، ظهر سلاح روسي جديد في قاعدة حميميم، سيدفع للمزيد من التوتر في المنطقة ويؤجج الصراع أكثر فأكثر.
فروسيا التي نشرت صواريخ "اسكندر" سابقاً بالقرب من حدودها الغربية في أوربا لتهديد الناتو، واستهداف مكونات الدرع الصاروخي الغربي نشرت (بناء على عدة صور ملتقطة من قاعدة حميميم) عربات إطلاق صواريخ "اسكندر" ذاتها في تلك القاعدة.
فاتفاقية انتشار القوات الروسية في سوريا تشير إلى "السماح للقوات الروسية، بجلب ونشر أي تجهيزات وأسلحة وتجهيزات وبنية تحتية تراها ضرورية لعمل قواتها" ما يعني إمكانية نشر صواريخ بالستية وأسلحة كيميائية وجرثومية ونووية في قاعدة حميميم.
روسيا التي تشعر بخطر الدرع الصاروخي الغربي على قدراتها الاستراتيجية النووية اختارت صواريخ "اسكندر" لتكون سلاحها ضد هذا التهديد المتمثل بالدرع الصاروخي، ونشرت عدداً من بطارياته بالقرب من حدودها الغربية لتكون مكونات الدرع الصاروخي في مرماها.
فعلى الرغم من وجود بعض التسريبات عن امتلاك النظام للنسخة التصديرية من صواريخ "اسكندر" بأعداد محدودة، لكنها لم تظهر حتى الآن في الساحة السورية، ولم يوثق استخدامها حتى الآن ربما بسبب القيود التي فرضتها روسيا.
فبعد تضاؤل الخطر المتمثل بصواريخ الأسد البالستية والتي استهلك معظمها ضد الشعب السوري، أو حيّد بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية ضمن اتفاق ضمني لمنع وقوعها بيد الثوار، يبرز خطر جديد جنوب تركيا متمثل بهذه الصواريخ التي تظهر للعلن للمرة الأولى في سوريا.
رؤوس نووية
أخطر ما في هذه الصواريخ عدا قدرتها على التملص من المنظومات المضادة للصواريخ هو قدرتها على حمل رؤوس نووية، ما يجعل تركيا تواجه خطراً جدياً من الجنوب لم تتعرض له قبل.
إضافة للرؤوس التقليدية والنووية، تستطيع صواريخ "اسكندر" حمل رؤوس مجهزة بقنابل (نبضة مغناطيسية) والتي تستطيع التسبب بتعطيل وشل التجهيزات الكهربائية والالكترونية في المنطقة المستهدفة.
ما يجعلها خطراً حقيقيا يهدد القسم الجنوبي من تركيا، القريب من القاعدة الروسية في حميميم، بعمق حتى 500 كم، وتقع ضمن هذا النطاق قاعدة "إنجرليك" التركية التي تعتبر قاعة رئيسية للناتو.
هل يعود الباتريوت؟
أثناء سحبها لمنظومة الباتريوت من تركيا، صرحت أمريكا أن بإمكانها إعادة نشر هذه الصواريخ خلال فترة قصيرة عند الحاجة، وبروز خطر الصواريخ التي نشرتها روسيا هو أحد المبررات التي تستطيع تركيا بموجبها طلب إعادة نشر الباتريوت في أراضيها، ما يضع أمريكا والناتو في اختبار حقيقي لحقيقة موقفها من تركيا.
فعدم إعادة نشر صواريخ باتريوت في تركيا مرة أخرى، سيعطي دليلاً إضافياً وملموساً على حقيقة تخلي الغرب عن تركيا، وتركها وحيدة في مواجهة روسيا.
حيث تعلم تركيا تماماً أن هذه الصواريخ غير ضرورية في معركة روسيا في سوريا، وأنها الهدف الوحيد المحتمل لهذه الصواريخ.
صواريخ أسكندر
صواريخ بالستية قصيرة المدى، يبلغ مداها بحدود 500 كم، تستطيع حمل أنواع مختلفة من الرؤوس الحربية من تقليدي وغير تقليدي، تعتبر السلاح الذي تهدد به روسيا مناطق انتشار مكونات الدرع الصاروخي الغربي والذي نشرته مقابل مناطق توضعها.

مقالات متعلقة