بحث

لهذه الأسباب زودت روسيا قوات الأسد بأسلحة جديدة

بلدي نيوز - راني جابر (المحلل العسكري لموقع بلدي نيوز)
منذ بدأت الكتلة الشرقية وعلى رأسها السوفييت بدعم الأنظمة في سوريا ومصر وليبيا منتصف خمسينيات القرن الماضي، حصلت تلك الأنظمة على كميات خرافية من الأسلحة مختلفة الأنواع، خاضت بها العديد من الحروب التي كللت جميعها بالهزيمة المنكرة، باستثناء واحدة هي حرب العراق ضد إيران خلال الثمانينات، و التي انتهت بتجرع الخميني كأس من السم، وقبوله بوقف إطلاق النار معلناً هزيمة إيران "الشيعية" ضد العراق "السني"، تلك الحرب التي لم يقدر الكثيرون أسبابها ودوافعها وانعكاساتها حتى بدأت الثورة السورية.
خلال بداية الدعم الشرقي والمتمثل بالدعم السوفيتي بالسلاح للسوريين والمصريين، حصل الجيشان على تجهيزات يمكن اعتبارها بالمتطورة، لكن وبعد تيقن السوفييت من العلاقة التي تجمع النظامين المصري والسوري بالغرب، انخفضت نوعية وكمية السلاح الذي حصل عليه النظامان.
ليتحول النظامان وبخاصة السوري بعد وصول البعث والأسد إلى الحكم، إلى زبون للخردة السوفيتية، بعد أن كان لبرهة في صف الحلفاء.
ليشهد العقدان الأخيران انخفاضاً حاداً في نوعية الأعتدة التي حصل عليها نظام الأسد، فهو مثلاً لم يحصل على طائرات جديدة خلال التسعينات والعقد الأول من القرن الحالي، عدا عن الدبابات والكثير من أصناف التجهيزات الأخرى، حيث  تعتبر المخزونات السورية على الرغم  من ضخامتها  من بين الأكثر تخلفاً على مستوى العالم، فعدا عن توقف التزويد بالأسلحة الحديثة، لم يسعى النظام لتحديث أسلحته بشكل جدي، وحافظ عليها بوضعها الأصلي غالباً مع بعض الاستثناءات المحدودة.
لتأتي الثورة السورية وتبدأ روسيا بدعم النظام بالأسلحة من مختلف الأصناف وبشكل كبير وغير مسبوق، فعدا عن الكميات الضخمة من الأسلحة والذخائر التي تدفقت على النظام خلال السنوات الخمسة الماضية، بدأت ومنذ بداية الحملة الروسية الجوية عدة أنواع من الأسلحة بالظهور علنا ً، والتي لا يعتقد أن قوات النظام امتلكها قبل بداية الحملة الجوية الروسية.
 دبابات ورادارات مشاة
قد يكون أكثر سلاحين مثيرين حصل عليهما النظام منذ بداية الحملة الجوية الروسية، هما عدة أنواع من الدبابات منها دبابات T-72B ودبابات T-90 ورادار المراقبة الأرضية Fara-1، والذي لم يعرف عن وجوده لدى قوات الأسد قبلاً.
حيث زود الروس النظام برادارات Fara-1، التي تتركز مهمتها في اكتشاف المشاة والعربات التي تسير وبخاصة ليلاً، أو في ظروف الغبار والضباب، والتي تسمح لقوات النظام باكتشاف التهديدات المحتملة (حتى عمق أربعة كيلومترات)، من هجمات بالمشاة أو الدبابات أو حتى العربات المفخخة، ما يعطيهم الوقت للاستجابة والرد بفاصل زمني أكبر وبخاصة ليلاً (قد يكون هذا الجهاز قد ذكر في التسجيل الصوتي الذي سربته زمان الوصل، عن إحصاء عدد الضربات الجوية للمناطق التي يقصفها النظام).
يعود حصول النظام على دبابات T-72B ودبابات T-90 إلى الخسائر الكبيرة التي تعرض لها في دباباته، ورغبة الروس باختبار هذه الدبابات ضد صواريخ تاو الأمريكية في الميدان.
فروسيا أعطت النظام دبابات T-72B ودبابات T-90، بعضها مركب عليها النوعية الأحدث من التدريع التفاعلي المسمى "كونتاكت 5"، والذي يدعي الروس قدرته على صد معظم أنواع القذائف والصواريخ المضادة للدبابات، في محاولة لتسويقه، خصوصاً بعد فشل الدبابات الروسية خلال الحرب الجورجية 2008، التي استخدمت خلالها صواريخ غربية مضادة للدبابات أدت لخسائر واضحة في الدبابات الروسية، إضافة للسمعة السيئة للدبابات الروسية التي تسببت بها حروب العقدين الأخيرين في الشرق الأوسط.
عدا عن عملية التجريب والدعاية والتسويق، يدرك الروس الفشل الكبير لقوات النظام والميليشيات الشيعية المرافقة لها، على جميع الصعد سواء النفسي والعسكري، وأنها ستفشل في الحفاظ على أي منطقة يتوقف القصف الروسي لدعم قوات الأسد فيها، حيث يعلم الروس أنهم لا يستطيعون الاستمرار بدعم قوات النظام جوياً إلى الأبد في جميع المناطق، وأنهم سيضطرون لنقل دعمهم الجوي إلى مناطق أخرى، أو يجبرون على الزج بقوات برية وهو الأمر الذي يتجنبونه في سوريا للحد الأقصى.
لذلك تسعى روسيا لرفع مستوى قوات الأسد وحلفائها عسكرياً، وتحسين مستوى تجهيزاتها، بهدف إعطائها فرصة أكبر للصمود، والقدرة على الحفاظ على المواقع التي سيطر عليها، في حال خفت كمية الطلعات الجوية التي تنفذها القوات الروسية لدعم قوات الأسد أو توقفت، ما يعني أن روسيا تعرف عاجلاً أو أجلا بأنها ستضطر لتخفيض حدة حملتها الجوية الغير مسبوقة في تاريخها كله، وهي تحاول تجنب سيناريو خسارة الأسد للمواقع التي كسبها بزوال الدعم الجوي عن قواته.

مقالات متعلقة