بلدي نيوز - راني جابر
قد تكون مليون دولار مبلغاً كبيراً تعرضه روسيا مقابل استعادة طائرتها، لكن الحرية للمعتقلات من سجون الأسد تعتبر أمراً لا يقدر بثمن.
فـ "حركة المثنى" التي أعلنت عن العرض الروسي وعرضها المقابل له لإعادة الطائرة الروسية المسيرة التي اسقطت في ريف درعا، قد تعتبر أول مجموعة من الثوار تبادل معتقلات مقابل تجهيزات عسكرية روسية مغتنمة.
أورلان 10
تعتبر الطائرة المسيرة من نموذج "أورلان 10" والتي تعد من بين أحدث طائرات الاستطلاع التي دخلت الخدمة في الجيش الروسي، ولم تستخدم قبلاً في أي حرب سوى الحرب الأوكرانية وفي سوريا لاحقاً.
تعتبر هذه الطائرة مخصصة للعمل أساساً مع وحدات المدفعية، لتأمين الاستطلاع للمناطق والأهداف وتصحيح النيران، حيث تحتوي مجموعة من التجهيزات البصرية تجعلها قادرة على العمل ليلاً ونهاراً، خصوصاً بسبب فترة طيرانها التي تمتد حتى 16 ساعة.
ما يعني أن طائرتين تعملان بالتبادل تستطيعان تغطية نفس المنطقة على مدار24 ساعة، ما يسمح لقوات النظام بالحصول على معلومات عن الكثير من المناطق على مدار الساعة ومراقبة خطوط تحرك الثوار وخطوط دفاعهم وتجمعاتهم.
تمثل هذه الطائرات وأشباهها أكبر مشكلة تواجه الثوار، بحكم عدم اكتشافها في الكثير من الحالات وقدراتها على المراقبة بشكل مباشر.
لكن تبقى المشكلة الأكبر هي نموذج استجابة الثوار للتهديد الذي تشكله هذه الطائرات، وتجاهلهم لعمليات التمويه الجيد، ما يجعلها قادرة على توجيه نيران المدفعية والضربات الجوية نحو مواقعهم وتجمعاتهم خلال دقائق من اكتشافها.
ثلاث مرات
حدثت عدة حالات إسقاط قبلاً لهذه الطائرة بحكم ارتفاع طيرانها وبطئها الذي يجعلها هدفاً مناسباً للكثير من وسائط الدفاع الجوي بمجرد ملاحظتها، فهي تعتمد على عدم اكتشافها "للنجاة" بشكل رئيسي، وخصوصاً بسبب صوت محركها المنخفض نسبياً مقارنة بالطائرات الإيرانية التي يلاحظ صوت محركها مباشرة عند تحليقها فوق المنطقة.
فارتفاع طيرانها الأقصى لا يتجاوز 5 كم، لكنها لا تحلق عادة بهذا الارتفاع بل تحلق بارتفاعات أقل، ما يجعلها ضمن المدى الفعال لعدة وسائط دفاع جوي، ما يبرر اسقاطها لعدة مرات في سوريا منذ بدأت القوات الروسية بنشرها في سوريا قبل حوالي العالم.
حيث سجل سقوط نوعين من هذه الطائرة، النوع الأول والذي أسقط في ريف اللاذقية في محور "عرافيت" يعتقد أنه مشتق من النوعية الأساسية، بسبب وجود فروقات في التصميم وبخاصة للذيل، ووجود مجموعة كاميرات لتشكيل صورة ثلاثية الأبعاد للمناطق المستهدفة، ما يعني أنها قد يستفاد منها لرسم خرائط تساعد في توجيه الصواريخ الطوافة الروسية التي استخدمت مؤخراً.
النوع الثاني الذي سجل إسقاط طائرتين منه على الأقل يعتبر النسخة الأساسية، والتي أسقطت مرة على يد "جيش المجاهدين" في ريف حلب، ومرة على يد حركة المثنى الاسلامية في ريف درعا.
ما يدل على أهمية هذه الطائرات التي تؤمن الاستطلاع لقوات النظام والروس في أهم مناطق الاشتباك، والمناطق التي تتعرض للقصف اليومي من قبل الروس.
لماذا هذه الطائرة مهمة
تعتبر طائرة "أورلان 10" كما أسلفنا من بين أحدث الطائرات المسيرة التي نشرتها القوات الروسية ضمن قواتها، حتى أن بعض الوحدات في الجيش الروسي حصلت عليها بعد بدء نشرها في سوريا.
ما يجعلها ضمن العتاد الذي لم تكشف جميع أسراره ومكوناته بعد، فعلى الرغم من سقوط عدة طائرات من هذه النوعية في أوكرانيا ووقوعها بيد الجيش الأوكراني، لكن روسيا لم تهتم كثيراً بهذه الحوادث، لكن يبدو أن اهتمامها بالطائرة التي أسُقطت في سوريا مؤخراً، وعرض المليون دولار مقابلها يوحي بوجود شيء مختلف في هذه الطائرة عن غيرها، أو خشية روسيا من وصولها لطرف ثالث عبر الثوار قد يكون تركيا.
فقد تكون روسيا أجرت تعديلاً على هذه الطائرة أو زودتها بنوعية أجهزة غير مستخدمة قبلاً بهدف تجريبها، أو ربما كان هناك مشكلة تصميمية أو عيب يعتبر نقطة ضعف في الطائرة، دفعت الروس للرغبة باسترجاعها حتى لا تتسرب هذه المعلومة عن طائراتها خصوصاً أنها ستدخل سوق التصدير.
فعلياً لا يمتلك الثوار أي إمكانات تقنية لفحص الطائرة وقد تكون تركيا هي الطرف الأكثر اهتماماً بها، وبخاصة بعد التوتر مع روسيا، والذي سيحفز تركيا على تسريع مشروعها العسكري الواثق الخطى في تطوير ترسانتها العسكرية مختلفة الأشكال، ما قد يدفع روسيا لتقديم عرض ما للحصول على طائرتها التي اسقطها الثوار، قبل أن تحصل عليها أي دولة أخرى.
فعلى الرغم من إسقاط الثوار للعديد من الطائرات الإيرانية المسيرة، لكن معرفة إيران بتخلف طائراتها التقني واستخدامها عموماً لمكونات مدنية، يخفض أهمية سقوط أي من طائراتها المسيرة، فهي تعتبر تكنولوجيا منخفضة في مجال الطائرات المسيرة على الرغم من استخدامها على نطاق واسع.
لا يعرف تماماً السبب الحقيقي وراء عرض روسيا لاستعادة طائرتها، ولا تخرج الأسباب المفترضة عن التوقعات والتحليلات، لكن المهم في الموضوع هو وجود فرصة ذهبية لتحرير عدد من المعتقلات من سجون نظام الأسد.
لماذا عرض الروس مليون دولار مقابل طائرة استطلاع بيد الثوار؟
الأربعاء : 13 يناير 2016
