بحث

مؤتمر باريس "للمناخ" إلى الفشل... لأن غاز سورية ونفطها مطمع قادة العالم هناك

The Middle East Eye – ترجمة بلدي نيوز
رغم تفاخر الكثير من قادة العالم بالدورة الحادية والعشرينCOP21) ) بشأن تغير المناخ  لعام 2015  في باريس، إلا أن مصيرها الواضح هو الفشل، فأهداف مثل خفض الانبعاثات ليست موضوع النقاش أبداً، والتعهدات بهذا الشأن هي بالفعل على الطاولة، بعد أن طُرحت طوعاً من كل بلد، ولكن مفاوضي الحكومة في باريس يبحثون  بدلاً عن ذلك في تفاصيل تافهة _مثل كيف ومتى ينبغي على البلدان أن تلتزم بتحسين تعهداتها الطوعية، وضمان "الشفافية" و"المساءلة".
وفي غضون الثلاثة أو خمسة ملايين سنة الأخيرة من عمر الأرض، بلغت مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) حوالي 415 جزءاً في المليون، وفي هذا الوقت، أصبح متوسط درجات الحرارة العالمية أعلى ب 3-4 درجات، كما ارتفعت مستويات سطح البحر بشكل غير مسبوق.
وفي وقت سابق، خلص تقرير (لاتفاقية تغير المناخ) إلى أن نتائج 70 خبير علمي قد أشارت إلى أن تجنب التغير المناخي الخطير يتطلب "تحولا أساسياً في نظام الطاقة والحد من مستويات الانبعاثات العالمية إلى الصفر بحلول عام 2100.
وأكد التقرير: "أن الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري يتطلب تحولاً جذرياً (إزالة الكربون الآن ومستقبلاً)، وليس مجرد ضبط الاتجاهات الحالية".
لكن واحدة من الأمور المهمة التي لم يتم نقاشها في المفاوضات، هي وضع حد لعمليات الاستخراج الوقود الأحفوري، يقول بابلو سولون، مسؤول المفاوضات السابق للحكومة البوليفية، والسفير السابق في الأمم المتحدة: "لم يقم أي قائد أو أي بلد بوضع نص للتفاوض يُلزم بترك 80 بالمئة من الوقود الأحفوري تحت الأرض" وأضاف: "إن لم يترك الوقود تحت الأرض، كيف سنحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تأتي أساساً من استخراج الوقود الأحفوري؟".
كما لم يتضمن الاتفاق أحكاماً ملزمة قانونية بخفض الانبعاثات، وبالتالي سيتوجب على الدول تقديم أهدافها بهذا الشأن ولكن لن يكونوا ملزمين قانونياً بتلبية هذه الأهداف.
عسكرة الكوكب
وفي الوقت الذي يجري به هذا المؤتمر، قامت السلطات الفرنسية باستغلال حملة مكافحة الإرهاب لمنع أي مسيرات لناشطي البيئة، وقامت باعتقال العشرات من الناشطين في مجال المناخ، كما أنها عززت من غاراتها مع قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا.
ففي اعقاب هجمات باريس في 13/11، صعدت فرنسا ضرباتها الجوية على أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في سورية، تبعتها في ذلك بسرعة كل من بريطانيا يوم الاربعاء، والآن ألمانيا، التي تعتزم ارسال ست طائرات تورنادو و1200 جندي لدعم قوات التحالف.
في أيار، قامت الأكاديمية الوطنية للعلوم بنشر نتائج دراسة علمية  تشير إلى أن تغير المناخ والجفاف في سوريا الذي تضخم لمستويات قياسية حفز على الاضطرابات المدنية وأدى إلى ثورة شاملة.
وفي 2011، عند اندلاع الثورة السورية، لم تكن الاستجابة الأولية للغرب سوى تأمل أن يستطيع "الرئيس السوري بشار الأسد" أن يقمع الثورة ويلغي وجودها.
يقول جون كيري بعد لقاءه الأسد عدة مرات السنة الماضية: "إن تقديري هو أن سوريا ستنتقل؛ سوريا ستتغير، لأنها تتبنى علاقة شرعية مع الولايات المتحدة والغرب، بالإضافة إلى الفرص الاقتصادية  والمشاركة التي تأتي معها".
كما وصفت هيلاري كلينتون الأسد بـ " الإصلاحي" حتى عندما قمعت قوات الأمن التابعة له الاحتجاجات السلمية وشجعهم على إطلاق النار على السوريين في الشوارع.
التنقيب عن الوقود الأحفوري في سورية
ما هي "الفرص الاقتصادية" التي كان كيري يتحدث عنها؟
ليس من المعروف للعلن أن شركات نفط بريطانية وفرنسية وإسرائيلية وأمريكية، لديها مجموعة واسعة من المصالح المتداخلة في استغلال موارد سوريا من النفط والغاز، والتي يعتقد أنها ضخمة.
فقد كشفت وثيقة لوزارة البترول السوري أنه قبل بضعة أشهر من الثورة، كانت شركة "شل " النفطية البريطانية الكبرى على وشك وضع خطة رئيسية لتطوير قطاع الغاز في سوريا، عقب توقيع اتفاق مع وزارة البترول، ويشمل الاتفاق إجراء تقييم لحجم الغاز غير المكتشف في سوريا، وإمكانية إنتاج الغاز، ودراسة الحاجة إلى شبكات نقل وتوزيع الغاز ..."
شركة (CGGVeritas) (سي جي جي فيرتس)، وهي شركة مدعومة من الحكومة الفرنسية، أجرت مسوحات لتقدير حجم الهيدروكربون (المحروقات) على الساحل السوري، وقدر بإجمالي "مليار برميل" أي تريليون قدم مكعب.
الدراسة التي أجرتها الشركة نشرت على موقع "جيو أرابيا" وهي مجلة متخصصة في الصناعة النفطية ومقرها في البحرين، وبرعاية الشركات التالية: "شيفرون، اكسون موبيل، أرامكو السعودية، شل، وشركة بريتيش بتروليوم، وشركة توتال الفرنسية والتي كانت تعمل مع نظام الأسد".

ولكن في الآونة الأخيرة، شركة أخرى من الولايات المتحدة كان لها مصالح أيضاً في سوريا للحصول على النفط والغاز، وهي شركة تابعة إسرائيلية مُنحت ترخيصاً من قبل الحكومة الإسرائيلية في عام 2013 للتنقيب في مرتفعات الجولان السوري الذي تسيطر عليه إسرائيل منذ الاستيلاء على الأراضي من سوريا في عام 1967.
وفي مطلع تشرين الثاني، سأل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصياً الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في لقاء خاص، إذا كان يحق لإسرائيل التنقيب في الجولان وإذا كان ذلك مقبولاً من قبل الولايات المتحدة، وعلى ما يبدو لم يقل الرئيس الأمريكي شيئاً.
ويتكون مجلس إدارة شركة (Genie energy Ltd) الإسرائيلية من خليط مثير للاهتمام: المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (CIA) "جيمس وولسي" ، نائب الرئيس الأمريكي السابق "ديك تشيني"، بارون الإعلام العالمي "روبرت مردوخ"، المستشار الاقتصادي السابق للرئيس أوباما "لاري سامرز"، والمرشح لمنصب وزير التجارة "بيل ريتشاردسون"، من بين آخرين.
يقول وزير الدفاع البريطاني "مايكل فالون": "نريد دولة سورية جديدة، تضم بعض الذين يقاتلون على أرض الواقع".
مما لا شك فيه، أن شركات النفط الأمريكية البريطانية والفرنسية والإسرائيلية ستحاول الاستفادة بأكبر قدر ممكن من  "الدولة السورية الجديدة" في مرحلة ما بعد الصراع السوري.
هذا بالتأكيد لن يخدم مؤتمر "تغير المناخ" والخطر الشديد المترتب عنه والذي سيتم التصديق عليه من قبل حكوماتهم في باريس.

مقالات متعلقة