بحث

روسيا في سوريا.. انتصارات على الورق وتناقضات تكشف التخبط (جزء3)

بلدي نيوز – (أيمن محمد)

بلدي نيوز يفتح ملف التدخل الروسي في سوريا.. الأهداف وطبيعة المواجهة (ج1)

مراحل التدخل العسكري الروسي في سوريا وتقاسم المهام (جزء 2)

مضى عام تقريباً منذ انطلقت حملة التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة الإسلامية"، والتي ضمت عشرات الدول التي أرسلت طائراتها في عمليات قصف يومية لا تكاد تتوقف على مناطق سيطرة التنظيم الممتدة بين سوريا والعراق.

عام من الغارات والقصف المتواصل، ولم يصدر أي تصريح رسمي من أي جهة عن موعد محدد لنهاية الحملة وانفراط عقد هذا التحالف.

منذ حوالي الأسبوعين أطلقت روسيا حملتها الخاصة ضد "الإرهاب" متمثلاً حسب التصريحات الروسية بتنظيم "الدولة الاسلامية"، وبعد عدة أيام من الغارات أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية عن شل البنية الأساسية للتنظيم وتدمير 40% من هيكليتها.

القوة الروسية في سوريا

تمتلك روسيا في سوريا بحدود خمسين طائرة بين مقاتلة ونقل وقاذفة، وتعتبر هذه القوى صغيرة بناء على حجم المهمة التي يفترض بها القيام بها، والتي تمتد على مساحة كبيرة من الأرض.

فمقارنة بطائرات التحالف التي لا يقل عددها عن المئتين، وتؤدي العشرات من الغارات يومياً لا يعتبر حجم القوات الروسية كبيراً، ولا يتوقع منها تأدية الكثير.

مع ذلك فقد أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية عن شل البنية الهيكلية لتنظيم "الدولة الإسلامية" وتدمير 40% منها بعد عدة أيام فقط من الغارات، وهذا الأمر لا يحمل أي قدر من المنطقية أو المصداقية خصوصاً أن معظم المراقبين للغارات الروسية بكافة أشكالهم، أكدوا أن روسيا لم تستهدف مناطق ينتشر فيها تنظيم الدولة بالكثير من الغارات، بل تركزت غاراتهم على المناطق التي يسيطر عليها الثوار.

أربعة أشهر!

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن عمليتها تحتاج لأربعة أشهر فقط، للقضاء على تنظيم الدولة بناء على حساباتها، ولكنها بعد عدة أيام من الغارات تراجعت عن ذلك، وعادت لتعلن أن عمليتها ستمتد طالما أن جيش النظام بحاجة للقوات الروسية في معركته "ضد الارهاب".

لا يبدو أن تنظيم الدولة قد أظهر أي تأثر أو اكتراث بالعملية العسكرية التي شنتها الطائرات الروسية ضده لعدة أسباب، أولها أنه لم يستهدف بشكل واسع بالغارات الروسية، والسبب الثاني هو الاستعداد المسبق من قبل التنظيم لتلقي الضربات الجوية بحكم أنه يتلقى ضربات التحالف الجوية منذ حوالي العام والتي على الرغم من كثافتها مقارنة بالضربات الروسية ودقتها لكنها لاتزال غير مؤثرة بشكل كبير.

إعلانات انتصار

أصدرت وزارة الدفاع الروسية العديد من البيانات الرسمية حول سير العمليات العسكرية لقواتها في سوريا، تنوعت بين البيانات عن عدد الغارات وأهدافها، والبيانات عن القتلى من "الإرهابيين"، وبيانات أخرى ضمن الحملة الإعلامية المرافقة للحملة العسكرية.

حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تدمير العشرات من المقرات والمستودعات لتنظيم الدولة، منها معسكرات تدريب المهاجرين، ومنها مراكز قيادة وسيطرة ومستودعات ذخيرة وورشات صيانة أسلحة ومعامل للمتفجرات والتفخيخ.

كذلك شملت بياناتها بعض التصريحات التي تتنبأ بطول الحملة الجوية بعد أن تراجعت عن السقف الزمني الذي حددته سابقاً بأربعة أشهر.

حيث أعلنت أن المسلحين يطورون تكتيكاتهم لتخفيف آثار الضربات الجوية الروسية عبر نشر قواتهم وتوزيعها والتخفي بين المدنيين، كتمهيد أولي لقصف المدنيين بحجة قصف "الإرهابيين".

كذلك أطلقت تصريحات عن هرب عناصر التنظيم بالمئات عبر تركيا والأردن "بسبب حالة اليأس والانهيار التي يعيشونها".

بشكل أساسي ركزت هيئة الأركان الروسية عبر ناطقها الرسمي على الإعلان عن حجم طلعاتها الجوية، وعدد الأهداف التي تدمر وعناصر التنظيم "المفترضين" الذين يقتلون.

بيانات وتناقضات

ركزت روسيا في تصريحاتها على العملية الجوية لطائراتها، في حين تركت التصريحات عن العمليات البرية لقوات النظام، لعدة أسباب أولها ادعاء روسيا أنها لن تشارك بقوات على الأرض.

في أول يوم من الغارات، أعلنت روسيا عن تدمير ثمانية مقرات لتنظيم الدولة بعشرين غارة، حيث دمرت مخازن للذخيرة والعتاد وآليات مختلفة حسب تصريحاتها.

ثم أعلنت روسيا عن تدمير خمسين مقراً ومركزاً مختلفاً، وفرار أكثر من 600 "إرهابي" من سوريا خلال الأيام الثلاثة الأولى للقصف التي شهدت حوالي ستين غارة (قوضت وخفضت قدرات التنظيم على القتال) بناء على الزعم الروسي، والذي يمكن تشبيهه بإعلان النصر من جانب واحد.

فيما أعلن الروس عن تنفيذ طائراتهم يوم (الاثنين 5-10-2015) 25 غارة على عشرة مواقع، دمرت خلالها حوالي 30 عربة وآلية ودبابة "للإرهابيين" في إدلب وجوارها، وتدمير مركز اتصالات ومباني تابعة لهم.

كذلك أعلن الناطق الرسمي باسم هيئة الاركان الروسية أن المقاتلات الروسية نفذت يوم (الثلاثاء 6-10-2015) 20 طلعة ضد 12 موقعا لتنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، دمرت خلالها معسكرات لتدريب الاجانب ومعامل متفجرات، واستخدمت قنابل خارقة للتحصينات.

من بين أكثر الاعلانات أهمية خلال الحملة الجوي الروسية هو الإعلان عن إطلاق أسطول بحر قزوين 26 صاروخا طوافاً عابراً للقارات تجاه مقرات ومعسكرات "التنظيم" و(أنها أصابت 11 هدفاً بنجاح).

كما أعلنت عن 22 طلعة بتاريخ (8-10-2015)، وجهت خلالها ضربات إلى 27 موقعا للتنظيم.

تلاها الاعلان عن 67 غارة، دمر خلالها 60 موقعا للتنظيم بتاريخ (9-10-2015).

ومقتل زعيمين مهمين في التنظيم، و200 عنصر في مقر (لواء الحق) ومقتل 100 عنصر للتنظيم في قصف قرب حلب.

كذلك أعلنت روسيا عن 64 غارة بتاريخ (10-10-2015) استهدفت خلالها 63 مركزا "لتنظيم الدولة"، دمرت خلالها 54 موقعاً محصناً، و4 معسكرات تدريب و7 مستودعات ذخيرة.

أما عدد غارات روسيا بتاريخ (11-10-2015) فقد بلغت 55 غارة دمرت بها 53 معسكراً ومركزاُ، للتنظيم بناء على إعلان هيئة الأركان الروسية، واستخدمت خلال هذه الضربات طائرات متطورة وقنابل ذكية، وأقمارا صناعية، وطائرات بدون طيار.

مجموع ما نفذته الطائرات الروسية من طلعات جوية يبلغ 310 غارات حسب مجموع التصريحات الروسية، لكن هيئة الأركان الروسية أعلنت في بيان لها عن تنفيذ طائراتها حوالي 140 ضربة جوية حتى تاريخ (11-10-2015)!

نطاق الغارات

تركزت الغارات الروسية ضمن نطاق ما يسمى سوريا المفيدة، والتي تشمل معظم غربي سوريا والمنطقة الوسطى حتى مدينة تدمر.

فقد استهدفت خلال معظم الغارات فصائل الثوار بمختلف أشكالها مع ضربات للتنظيم لا تشكل سوى نسبة بسيطة من مجموع الغارات.

فروسيا تركز بالقصف على المناطق التي تريد دفع قوات النظام للتقدم تجاهها وبخاصة في مناطق ريف حماة وريف اللاذقية، وبسبب أسلحتها المتخلفة التي تستخدمها فقد تسبب بالعديد من المجازر التي لم يرد ذكر أي منها في بيانات انتصاراتها الرسمية.

الجميع "داعش"

أهم ما أعلنه الروس خلال حملتهم الجوية أنه حيثما سقطت قنابل طائراتهم فإنه يوجد عناصر تنظيم الدولة، ما يعني أن أي هدف تضربه الطائرات الروسية هو تابع للتنظيم حتى لو كان خارج مناطق سيطرة التنظيم.

بلدي نيوز يفتح ملف التدخل الروسي في سوريا.. الأهداف وطبيعة المواجهة (ج1)

مراحل التدخل العسكري الروسي في سوريا وتقاسم المهام (جزء 2)

 

مقالات متعلقة