من الحصار إلى النهضة: اتفاق الطاقة الأكبر يعيد تشكيل سوريا - It's Over 9000!

من الحصار إلى النهضة: اتفاق الطاقة الأكبر يعيد تشكيل سوريا

تركي المصطفى

في خطوة تاريخية تُعدّ بمثابة نقطة تحول في مسيرة سوريا الاقتصادية، وقّعت وزارة الطاقة السورية، في قلب دمشق وعلى أرض قصر الشعب، اتفاقاً هو الأضخم في تاريخ قطاع الطاقة بالبلاد، بقيمة استثمارات تُناهز سبعة مليارات دولار. هذا الحدث، الذي شهده الرئيس أحمد الشرع، ليس مجرد توقيع عقد، بل هو إعلان عن طموح وطني لإعادة بناء بنية تحتية مهترئة وإحياء أمل شعب طالما عانى من وطأة نقص الطاقة.

الوزير محمد البشير، رجل المرحلة في قطاع الطاقة السوري، وقّع الاتفاق نيابة عن سوريا مع تحالف دولي يضم نخبة من الشركات العالمية: "أورباكون القابضة" القطرية بقيادة السوري-القطري رامز الخياط، و"باور الدولية" الأمريكية، إلى جانب "كاليون إنرجي" و"جنكيز إنرجي" التركيتان. حضور المبعوث الأمريكي توم باراك، والقائم بأعمال السفارة القطرية، والسفير التركي، أضفى على الحدث طابعاً دولياً يعكس انفتاح سوريا على العالم، وكأنها تعلن عودتها إلى الساحة الدولية بثقة.

هذا الاتفاق، كما يراه المراقبون، ليس مجرد صفقة اقتصادية، بل هو تجسيد عملي لرفع الحصار الاقتصادي عن سوريا. الوزير البشير، في مؤتمر صحفي عقب التوقيع، تحدث بلغة الواقعية الممزوجة بالأمل، موضحاً أن سوريا تواجه تحديين كبيرين: الأول، إعادة إحياء البنية التحتية لمحطات التوليد التي أنهكتها سنوات الحرب، والثاني، تأمين إمدادات الوقود والغاز. وهنا يأتي هذا الاتفاق ليعالج التحدي الأول بحلول جذرية، بينما تُجرى أعمال صيانة وتأهيل لخطوط الغاز، سواء القادم من الأردن أو ذلك الذي يربط كلس بحلب، لضمان تدفق الإمدادات.

الوزير لم يكتفِ بالحديث عن التحديات، بل رسم صورة واعدة: زيادة ساعات تشغيل الكهرباء من أربع ساعات يومياً إلى عشر ساعات في غضون أسابيع، وهو ما سيُحدث نقلة نوعية في حياة السوريين اليومية. هذا التحول، كما يراه البشير، ليس مجرد تحسين تقني، بل هو خطوة نحو استعادة الكرامة المعيشية لشعب ظل يصارع من أجل أبسط مقومات الحياة.

من جانبه، تحدث رامز الخياط، الرئيس التنفيذي لـ"أورباكون القابضة"، بلغة رجل أعمال يدرك حجم المسؤولية وأهمية اللحظة. أكد أن المشروع سيُموّل عبر تحالف مالي يضم بنوكاً إقليمية ودولية، مع التزام الشركات المشاركة بضخ رأس المال اللازم. لكن الخياط ذهب إلى أبعد من ذلك، فقد وعد بأن المشروع لن يكون مجرد محطات طاقة، بل بوابة لخلق أكثر من خمسين ألف فرصة عمل مباشرة، وما يقارب ربع مليون فرصة غير مباشرة، مما سيُحرّك عجلة الاقتصاد السوري ويُعيد الحياة إلى شرايينه.

هذا الاتفاق، بما يحمله من طموح واستثمار، هو أكثر من مجرد صفقة مالية؛ إنه إعلان عن بداية مرحلة جديدة. سوريا، التي كانت يوماً تحت وطأة العقوبات والحروب، تُعلن اليوم أنها ليست فقط قادرة على النهوض، بل تسعى لأن تكون مصدّرة للطاقة، ومركزاً للاستثمار الإقليمي والدولي. إنها لحظة تاريخية، كما لو أن التاريخ نفسه يُكتب من جديد على أرض الشام.

مقالات ذات صلة

عروض لإصلاح محطة حلب الكهربائية تبلغ كلفتها 130 مليون يورو

//